في زمنٍ تَسارَعَتْ فيهِ الخطى، وتَزاحَمَتِ الأفكارُ في الفضاءِ بلا مَدى، وقف الإنسانُ حائرًا أمامَ اختراعٍ يَصنَعُ ما لا يُرتجى، ويَفكِّرُ كما لم يكن يُرتجى، ذكاءٌ لا ينام، وعقلٌ لا يَشكو الونى، يُلبِّي الحاجاتِ، ويَكشِفُ المعجزاتِ، لكنه قد يُخفي في طيّاتِه البَلاء.
فهل يكون نعمةً تُنقذُ الإنسانَ من عَثَراتِ الدُنى؟
أم يكون نقمةً تَجعلُه غريبًا بينَ صُنعِ يديه، وأسيرًا لما ابتدئ؟
إنها لحظةُ وعيٍ فارقةٍ… فإما أن نُحسِنَ التوجيهَ فننجو، وإما أن نُسلِمَ زمامَنا للآلةِ، فَنضِلَّ الطريقَ والهُدى.
القصيدة
وفي زمن التطور قد برزنا
بذكاء كالسّراب لمن جهلنا
يساعدنا ويشغلنا جميعًا
ويسرق من عقول القوم فكرًا
فهل نبقى عليه مسيطرين؟
أم استسلمنا لذكاء لم نفكر؟
يقال: سلاح علم فيه خيرٌ،
ويمكن أن يدمّرنا إذا غفلنا
له وجهان: وجه نهى ونور،
وآخره جهالة من تفنّى
فإن أحسنت صنعه كان نورًا،
وإن أسأت قد يجلب لنا الويلَا
أيا إنسان، فكّر قبل خطوٍ،
وكن بالعلم في سبيلك مرتقيًا
وخذ منه الجميل وزن مداه،
وجنّب شرّه لتنال فضلًا
فذكاء العصر نعمة من رعاه،
ونقمة من بغير العقل ضلّا
فلا تأمن لعلم دون وعي،
ولا تركن لقوّته كثيرًا
فعلم اليوم إن لم يرشِدوه،
سيصنع في البشر شرًّا ثقيلًا
فكن حكيمًا في التعامل معه،
تكن للنور في الدنيا سبيلًا