الصفحة الرئيسية القصيدة العمودية محمود محمد ربيع يقول : “نام وَجْهُ الْعِيد في أكفانِه”

محمود محمد ربيع يقول : “نام وَجْهُ الْعِيد في أكفانِه”

قصيدة بعنوان " صرخة الموت"

130 مشاهدات 1 دقائق اقرأ

حين تصير الحياة تحت الركام، وتموت الأحلام قبل أن تولد، وتغدو السماء شاهدةً على كل هذا الظلم، لا يبقى للروح إلا أن تصرخ… صرخةَ الموت.

غَزَّةْ تُنادي والفُؤادُ مُمزَّقٌ،
والقهرُ يَنسِجُ من دَمِ الأهلِ رِدًى.

صَرَخَتْ جِراحُ النَّارِ في أحشائِها،
والدَّمعُ سالَ على العُيونِ مُفَجِّعَا.

نادَتْ بِصوتِ الجُرحِ: أينَ ملامِحِي؟
ماتَ الصَّباحُ وصَوتُهُ قد ضَيَّعَا

طِفْلٌ يُنادي في الدُّجى أمَّاً لهُ،
والقَصفُ يَنهَشُ حِلمَهُ المُتَرَفَّعَا.

والشَّيخُ واقفُ في الدّمارِ كأنَّهُ،
صَخرٌ تَحَمَّلَ ما يُفَجِّرُ مُروَعَا.

غَزَّةْ تُنادِي والعُيونُ مُطفَأَةٌ،
في صَمتِ عالَمِها الغَرِيبِ المُوجِعَا

ماذا جَنَتْ؟! حتَّى السَّحابُ تَفَجَّرَتْ،
فَوقَ الرُّضَّعِ، والمَدى تَفَزَّعَا!

كُفُّوا يَدًا تَحْمِلُ الوَيلاتِ لَنا،
واترُكوا طِفلاً بالحَياةِ مُتَمَتِّعَا.

غَزَّةُ ستَنهَضُ لو تَهَاوَى جِسرُها،
فالصَّبرُ في أهلِ الكِرامِ مُشَعشِعَا

صَرْخَتْ، ولكنْ لا مُجيبَ لِدَمعِها،
إلّا السَّماءُ ومَن لَها قد صَنَعَا

قَدْ نَامَ وَجْهُ الْعِيدِ فِي أَكْفَانِهِ،
وَالْجُرْحُ فَتَّحَ فِي الْقُلُوبِ مُوَجَّعَا.

يَا قَلْبَ أُمٍّ، هَلْ يَعُودُ رَضِيعُهَا؟!
أَمْ بَاتَ لَحْنًا فِي السَّمَاءِ مُوَدَّعَا؟

وَالْأَرْضُ ضَجَّتْ، لَا تُطِيقُ دُمُوعَهَا،
فَالْبَحْرُ مِنْ حُزْنِ الصِّغَارِ تَصَدَّعَا.

مَا عَادَ فِي الْأَنْبَاءِ غَيْرُ مَجَازِرٍ،
وَصُوَرُ قَهْرٍ بِالْيَدَيْنِ مُصَنَّعَا.

لَكِنْ بِصَبْرِ الْأُسْدِ تَنْهَضُ أُمَّةٌ،
تَنْسُجْ مِنَ الْجُرْحِ الْعَنِيدِ مَرْفَعَا.

في قلبِ هذا الليلِ، تبكي الأرضُ من وجَعِ البراءةِ المذبوحة، ويبكي معها التاريخُ والضميرُ الإنساني.
هُنا حيثُ الكلمةُ تُقتل، والحُلم يُصلب، يبقى صوتُ غزّة حيًّا، يعلو من بينِ الرّكام، كأنَّهُ الوعدُ الباقي، والعهدُ الذي لا ينكسر.

  • شاعر وكاتب ومفكر مصري
    دكتوراه في الفلسفة والعلوم الإسلامية محمود محمد ربيع محمد عثمان شاعر وكاتب ومفكر يُعدّ الدكتور محمود محمد ربيع من الأصوات الشعرية المعاصرة التي تمزج بين عمق الفكر وصفاء الروح، حيث يتميز شعره بروحٍ صوفيةٍ رفيعة ونفَسٍ وطنيٍّ نبيل، إلى جانب رسالته الإنسانية التي تهدف إلى إحياء القيم المجتمعية الأصيلة. يرأس الدكتور محمود "صالون الدكتور محمد ربيع للفكر"، ويشرف على مجموعة من الأنشطة والمجموعات الثقافية المنبثقة عنه، والتي تهدف إلى دعم الإبداع، وتعزيز الفكر الحر، ونشر الوعي الثقافي في المجتمع. نُشرت أعماله في العديد من المنصات الأدبية والعلمية، ومن أبرز قصائده: قلب واحد، تاج المروءة، سيدة الصبر، صرخة الموت، ذكاء بلا قلب، عهد الرحمة، فيضك ملجئي، عاشق النور، نجوى العاشق، أنا العبد، نبض القرب، منتهى العشق، في درب الهدى، ملحمة العشق، وغيرها من الأعمال التي تعكس عمق التجربة واتساع الرؤية. وقد قُدّمت بعض قصائده في صورة كليبات مرئية من إنتاج "ميديا صالون الدكتور محمد ربيع للفكر"، في إطار دمج الكلمة الراقية بالصورة المعبرة، لنقل رسالة الشعر إلى أوسع شريحة من الجمهور. يؤمن الدكتور محمود بأن الكلمة الصادقة قادرة على التغيير، لذا يحرص من خلال قصائده على تقديم رسائل تُنير الطريق، وتزرع الأمل، وتوقظ الضمير الإنساني، في زمن باتت فيه القيم في حاجة إلى من يُحييها بالكلمة الطيبة والنفَس النقي.

اقرأ أيضا

أترك تعليقا