الصفحة الرئيسية قصّة قصيرة فوزية البوبكري تقدّم نصا سرديا بعنوان “عودة”

فوزية البوبكري تقدّم نصا سرديا بعنوان “عودة”

من وحي زيارة للمعهد الذي شهد سنوات من الشقاوة والبراءة والأحلام

154 مشاهدات 1 دقائق اقرأ

تتشرّف المجلة الثقافية نيابوليس بنشر نصا سرديا بعنوان “عودة” للكاتبة القديرة فوزية البوبكري الذي شاركت به في الدورة الخامسة لمنبر الشعر والأدب بنابل تحت شعار: “تمثّلات المرأة في الرواية مفتاح لقراءة المجتمع” وذلك يوم الأحد 30 نوفمبر 2025 بالمنتجع الريفي الإيكولوجي دار كبّورة نابل

النص:

وكأنّ هذا المكان
يحرك كل السواكن..
يعيد الروح لمن غابوا
منذ زمان

زمنٌ لا شيء يشبهه…
زمن الأساطير …
زمن التحليق بلا أجنحة…

وكأنني أسمع صوتي…
تَبعْتُه،
تبعتُني

خطواتي تجرّها أقدامي جرّا…
كعاصفة هبّت من حولي،
أثارت غبار السنوات…
بعثرت تواتر اللحظات …

صرختُ في جبّ الذكريات…
ردّد المكان الصدى …
تناثرت كل الأسئلة المؤجلة
والأمنيات المعطلة

رجْعُ حيرة
وحنين
وبكاء…

تلميذة بميدعة حمراء…
تقف هناك
وبقايا أطياف عانقت لحظات الصبا.

تصافحهم،
تعانقهم،
تثرثر معهم

فجأة تنمو لها أجنحة
تزهر كل الحكايا التي تحفظها عن ظهر قلب،
وتعود صاحبة الميدعة الحمراء.

والسؤال يخترق الزمن:

سندريلا هل تركت حذاءك عمدا هاهنا؟
علّ الأمير يوما، يتقصّى الخطى؟

ذكريات تطلّ من نوافذ القاعات المشرعة..
على ساحة معهد نابل

معهد كان يوما
مسرحا للدهشة الأولى
للرجفة الأولى
وحكايا حبّ تُرْوى

كم عنهما الصّحب روى؟

ها أنك عدتِ
تحت زخات المطر
تبتسمين
تبحثين

عن اسمين حُفِرا ذات زمان على المقاعد…
على السبورة
على جذوع الشجر…

اليوم
تبعثرت الحروف وامّحت،
اندثرت حكاية كانت حديث العاشقين

وبعد عمر ونيف
ها أنت تقفين في الوسط
تراقبين الغالين والرائحين

تصطفّ الذكريات طوابيرَ
في الساحة الممتدة

يهطل المطر فجأة،
ينسج معطفا لصقيع الذكريات،

تمسك إحداهن بدفتر المناداة
يُنادَى على أسماءِ من مرّوا من هنا

تسمع اسمها
لتُسجَّل في قائمة الحاضرين.

يخرج أحدهم من الطابور الممتد
متحديا كل القوانين،
وفي ذاك الزمن لا أحد يتحدى القوانين.

يخترق سمعها ذلك الصوت صارخا:

منذ عقود من الحلم كانا هنا
منذ خمسين نهاية عام،
وقفا هنا مردّديْن مع الست:

لا تقل شئنا إن الحظ شاااااء.

هل تذكرين؟
يا صاحبة الميدعة الحمراء.

بعدها شابت الأحلام
والأيام.
والسنون

تلاشى الصوت
واختفى الطابور

أمطرت السماء أسماء وأشياء
بقايا صور وأصداء.

تثقلني الذكريات
القابعة داخل دفاتر الأيام

وسندريلا تدعوني إلى مغادرة الحلم،
تدق الساعة ولا ترحل،

-ستضطر شهرزاد لتغيير مآلات الحكاية،
تصرخ سندريلا.

ليتوقف الشريط عن الدوران.

وفي متاهة اللحظات والأصوات…
تعلقت عيناها بساحة المعهد،
ترسم دوائرَ لماض لازال يحتويها.

يد تجذبها
وتعيدها إلى صفحات تعرفها جيدا.

-أختي لقد تبلّلت هيا لنعود!!

-مهلا أخي خذ لي صورة في هذا المكان
فهنا أخذت لي صورة بالأبيض والأسود
كان ذلك منذ زمان

واليوم أريد صورة لي هاهنا
بالألوان.

الكاتبة فوزية البوبكري

  • كاتبة تونسية
    كاتبة تونسية من مواليد مدينة قليبية، حاصلة على شهادة البكالوريا سنة 1972 من معهد نابل. تنوّعت كتاباتها بين القصة والرواية، حيث صدر لها مجموعتها القصصية «لولا السواد ما كانت الأحلام بيضاء»، كما أصدرت روايتين هما «رسائل مؤجلة» و**«وعند الصباح لن تسكت شهرزاد»**. شاركت بنصوصها في عدة إصدارات جماعية في القصة القصيرة والشعر والخاطرة، وتستعد لإصدار روايتها الثالثة قريبًا، مؤكدة استمرار عطائها وحضورها في المشهد الأدبي التونسي.

اقرأ أيضا

أترك تعليقا

سجّل اسمك وإبداعك، وكن ضيفًا في محافلنا القادمة

ندعو الأدباء والشعراء وسائر المبدعين إلى أن يُضيئوا حضورهم بيننا بتسجيل أسمائهم وتعمير الاستمارة التالية، ثم النقر على زر «أرسل» ليكون اسمكم ضمن قائمة الدعوات إلى تظاهراتنا الثقافية القادمة — حيث يلتقي الإبداعُ بنبض الحياة، وتُصاغ الكلمةُ في فضاءٍ يليق بكم وبأحلامكم.