104
غريبٌ أنا،
أخافُ أن يسبقني الموتُ،
فأُدفنَ في أرضٍ لا تعرفُ اسمي،
ولا تُعيدُ إلى أذني
أذانَ طفولتي.
غريبٌ أنا،
أحملُ على ظهري حقائبَ الحنين،
أُخبّئُ قلبي من البرد،
وأُحدّثُ وجهي في المرايا،
فلا يعرفني أحد.
غربةٌ تسكنني،
تمضي بي في شوارعَ صمّاء،
يُنادى عليَّ فيها بالأرقام،
وينسى الناسُ أن لي اسمًا،
وأن لي أمًّا تنتظر.
أكتبُ رسائلي للغيم،
علَّه يسقطُ مطرًا على قريتي،
فتشمُّ البيوتُ رائحةَ خطوّي،
ويورقُ في الساحة ياسمينُ طفولتي.
أنا الغريبُ،
أضحكُ بوجهٍ لا يعرف الضحك،
وأبكي بلا دموع،
وأمشي كظلٍّ يبحثُ عن جسد.
ومع ذلك،
أحملُ في داخلي نجمةً لا تنطفئ،
تقول:
كلُّ طريقٍ مهما ضلَّ عائد،
وكلُّ غريبٍ مهما ابتعد راجع.
وسأعودُ،
كما يعودُ النهرُ إلى منبعه،
كما تعودُ الطيورُ إلى أعشاشها،
لا كغريبٍ…
بل كعاشقٍ يفتحُ الأبواب،
ويغفو في حضنِ السماء