132 اِنْتَظَرْتُكِ،وَكُلُّ لَحْظَةٍ كَانَتْ شَاهِدَة،أَنَّنِي أَحْبَبْتُكِكَمَا لَمْ يُحِبَّ عَاشِقٌ فِي بِلَادِي وَاحِدَة. جَعَلْتُ مِنْ قَلْبِي مَرْفَأً،وَمِنْ لَيْلِي نَافِذَة،وَمِنْ دَمْعِي قَصِيدَة،وَمِنْ صَبْرِي أُغْنِيَةً دَائِمَةً مُجَرَّدَة. قَالُوا: سَتَعُودِينَ فِي الْمَسَاءِ،فَالْحَنِينُ لَا يَرْضَى الْقَطِيعَة،وَالْهَوَى لَا يَنْسَى الْوِدَادَة.فَعَلَّقْتُ فَوْقَ الْبَابِ مِصْبَاحًا،وَقَمِيصَكِ الْمُعَطَّرَ،وَكَفِّي الْمُمَدَّدَة. لَكِنْ مَرَّتِ الْمَوَاسِمُ كُلُّهَا،وَالْأَيَّامُ بَرْدٌ،وَالسُّنُونُ مُوحِشَةٌ وَمُقَيَّدَة،وَأَنْتِ غَائِبَة…كَمَا النُّجُومُ الْبَعِيدَة. كَتَبْتُ لَكِ عَلَى الأَرْصِفَةِ الْمُنْهَارَة،أَسْمَاءَنَا بِالْحُرُوفِ الْمُتَجَمِّدَة،وَرَسَمْتُ ظِلَّكِ عَلَى الْغَيْمِ،وَأَطْلَقْتُ صَوْتَكِ عَلَى الْعَتْمَةِ الْمُقَيَّدَة. أَيْنَ ذَهَبْتِ؟وَأَيْنَ سَكَنْتِ الْآنَ، يَا رُوحِي الْمُشَرَّدَة؟أَلَمْ تَقُولِي إِنَّكِ بَاقِيَةٌ،وَأَنَّ الْغِيَابَ عِنْدَكِ خِيَانَةٌ مُؤَكَّدَة؟ هَلْ صَدَّقْتِ أَنَّهُمْ لَا يَمُوتُونَإِنْ غَابُوا دُونَ وَعْدٍ وَلَا عَوْدَة؟هَا أَنَا أَحْيَا كَالْمَيِّتِ،أَحْمِلُ نَعْشِي فَوْقَ كَتِفِي،وَالرُّوحُ دَاخِلِي مَشْدُودَة. أَنَا لَا أَكْتُبُ شِعْرًا الْآن،بَلْ أَنْثُرُ جُثَّتِي فِي كُلِّ مَقْطُوعَةٍمُفَخَّخَةٍ بِالْمَرَارَةِ وَالْخُذْلَانِ وَالْخَسَارَةِ الْمُؤَبَّدَة. صِرْتُ أَخَافُ مِنَ الْعِيدِ،وَمِنْ كُلِّ فَرْحَةٍ مُفْتَرَضَة،فَالْعِيدُ بِلَا لُقْيَاكِكَالْعَصَافِيرِ بِأَجْنِحَةٍ مَكْسُورَةٍ مُتْعَبَة. كُلُّ الأَطْفَالِ يَرْكُضُونَ،وَأَنَا أَجُرُّ ظِلِّيكَحُزْنٍ طَوِيلِ الذَّيْلِ،كَصَوْتٍ بِلَا صَدًى،وَكَغُصَّةٍ مُتَعَمَّدَة. هَلْ تَعْلَمِينَ؟كُلُّ وَجْهٍ أَرَاهُأَبْحَثُ فِيهِ عَنْ مَلَامِحَكِ الْوَلِيدَة،كُلُّ امْرَأَةٍ تَمُرُّ،أَسْأَلُهَا عَنْكِ بِصَمْتٍوَبِجَفْنٍ لَا يُخْفِي اللَّهْفَةَ الْمُتَجَدِّدَة. مَا عُدْتُ أَسْتَجْدِي الرُّدُودَ،وَلَا أَرْجُو مِنَ اللَّيْلِ أَنْ يُهْدِيَنِي وَعْدَ الإِجَابَة،فَمَا فَائِدَةُ الصَّبْرِإِذَا كَانَتِ النِّهَايَةُ مَعْرُوفَةًوَسُطُورُ الِانْتِظَارِ مُـمَدَّدَة؟ أُنَاجِي رَبِّي بِاسْمِكِ،فِي فَجْرِي وَرَكْعَتِي السَّاجِدَة،وَأَقُولُ:يَا رَبِّ، إِنْ كَانَتْ حَبِيبَتِي فِي رِحَابِكَ،فَاجْعَلْهَا أَوَّلَ الْوُجُوهِ فِي جَنَّتِكَ الْخَالِدَة. رُبَّمَا أَرَاكِ فِي حُلْمٍأَوْ فِي ظِلٍّ وَصُورَةٍ مُقَيَّدَة،رُبَّمَا تَأْتِينَ فِي الْقَصِيدَةِ الْقَادِمَة،أَوْ فِي مَوْتِي…كَابْتِسَامَةٍ أَخِيرَةٍ،مُؤَجَّلَة،مُنْتَظَرَة،عَائِدَة. الشاعر سعيد إبراهيك زعلوك