الصفحة الرئيسية قصيدة النثر سعيد إبراهيم زعلوك يقول “أستغفِرك يا رب عن خذلانِنا !!”

سعيد إبراهيم زعلوك يقول “أستغفِرك يا رب عن خذلانِنا !!”

100 مشاهدات 1 دقائق اقرأ

يا ربُّ…
ما أمسكتُ سلاحًا في يدي
لكنَّ قلبي ساحةٌ
ومدىً طويلٌ من شظايا الانكسارْ
أنا لم أطلقِ الرصْفَاتِ
لكنّي نَزَفتُ
مع الطفولةِ،
كُلَّما ماتتْ على جوعٍ
وعانَقَها الحصارْ

يا ربُّ…
ما صَفَّقتُ للمذبَحْ،
وما بعتُ الحقيقةَ في مزادِ الذُلِّ
أو نَمْتُ ارتياحًا في دثارْ
أنا شاعرٌ
كُلُّ الذي أملِكْتُهُ
قلمٌ…
وحُنجرةٌ تشقُّ الصمتَ
في هذا الدمارْ…

يا ربُّ،
أشهدُ أنني
حين ارتدى الظُلمُ الصباحَ،
وخانَنا الضوءُ،
وخابَ الخبزُ
في كفِّ الصغارْ
بكيتُ…
لكنّي كتبتُ
على جُدارِ الروحِ:
غزّةُ، لا تموتي…
نحنُ نحملُكِ اعتذارْ

يا ربُّ…
قد رَفَضْتُ الصمتَ
حينَ تواطأتْ شاشاتُهم
في نقلِ مجزرةِ النهارْ
وكتبتُ في ظلِّ القذيفةِ:
أيُّ معنى للعروبةِ
حينَ يجفوها الجدارْ؟

أنا لم أُطعِمْ جياعَ القصفِ
لكنّي كتبتُ:
“مَن لا يملكُ خُبزًا…
يَزرَعُ الكلمةْ”
و”مَنْ لا يملكُ بندقيَّةً،
يَصرُخُ بالحقيقةْ”

يا أهلَ غزّة،
يا وجعَ الأنبياءِ
وأيقونةَ الشُّهداءِ
يا وجعًا يُصلِّي في الضلوعِ
ولا ينامْ

اعذُرونا…
إنْ خَذَلنا الوعدَ
إنْ لَبِسْنا الأُمنياتِ
وعدنا من نشراتِهم
حفنةَ صَمتٍ
وبَكاءً إلكترونيًّا
يذوبُ كما السرابْ…

أنتم الجوعى،
ولكنّ الجياعَ هم نحنُ،
مَن ضاعَتْ بوصَلتُهُ،
وغَرِقَتْ قضاياهُ
بِأَسواقِ الكَلامْ…

فاشهدْ، يا ربِّي،
أنني لم أنحنِ
إلّا لعيني طفلٍ ماتَ واقفًا،
ولأمٍّ
تُرَتِّبُ كفنَهُ
على لهفةِ الفُطورْ…

أنني ما بعتُهم
حتى وإنْ بَاتوا رمادًا
فوقَ أهدابي
وإنْ صاروا قصائدْ…

أنني،
من حرقةِ العجزِ المقيتِ
سَجَدتُ بالحرفِ الأَخيرْ،
وأنّ دمعي،
ما جرى إلّا طهارةً
في زمنٍ
تَوضّأ فيهِ القتلة

  • شاعر مصري
    سعيد إبراهيم زعلوك، شاعر مصري معاصر وُلد في الثامن عشر من يوليو سنة 1984، وينحدر من مركز الرحمانية بمحافظة البحيرة في مصر. تخرّج في جامعة الأزهر حاملاً ليسانس اللغة العربية، فاختار أن يجعل من الكلمة مسكنه، ومن الشعر رسالته. يكتب في مجالات متنوّعة تجمع بين الوجدان والهمّ الوطني والسياسي، كما ينفتح على النثر الفني بروح متوثبة، منحازة دائمًا إلى الإنسان وقضاياه. ومن أبرز مشاريعه الإبداعية "رسائل لم تُكتب – سيرة قلب في العتمة"، وهو عمل شعري يلامس عمق التجربة الإنسانية، ويمزج بين معاناة الروح، وجراح فلسطين، وأصداء الحنين، وحبّ يظلّ نبيلاً في حضوره. انتشرت له نصوص عديدة عبر المنصات الإلكترونية مثل: حبيبتي... مصر، قالوا، لا أحد... حين ينهار الضوء، حديث مع العرّافة، أنتِ أنثى حارقة، ولا تبدأ القصيدة بالبكاء على الرماد. جميعها تشهد على لغة متينة وصياغة عميقة الإحساس. يشارك زعلوك بفعالية في المنتديات الأدبية، خاصة "المنتدى العربي للنقد المعاصر"، فيما يواصل عمله على إصدار مجموعته الشعرية الأولى. وهو شاعر يؤمن بالصدق في الكلمة، وبقوة الشعر في مقاومة الخذلان، صانعًا من الحرية والكرامة والإنسانية أجنحة لقصائده.

اقرأ أيضا

أترك تعليقا