الصفحة الرئيسية قصّة قصيرة مجيدة محمدي تكتب “هل قلتُ هذا من قبل؟!!”

مجيدة محمدي تكتب “هل قلتُ هذا من قبل؟!!”

مقهى النسيان رقم 13: عن الأرواح التي تلتقي كل مساء لتشرب قهوتها دون أن تتذكر من تكون

17 مشاهدات 1 دقائق اقرأ

أنا لا أذهبُ إلى المقهى لأشربَ القهوة،
بل لأنتظرَ وجهي يعودُ من الغياب.
في مقهى النسيان رقمَ ثلاثةَ عشر،
تجلسُ الأرواحُ حولَ الموائدِ مثلَ جُملٍ ناقصةٍ،
تبحثُ عن فعلٍ مفقودٍ،
عن معنى مؤجَّلٍ منذ آخرِ حياة.

الوجوهُ هناكَ بلا ملامح،
كأنَّ الذاكرةَ قد أُفرغتْ في فنجانٍ مائلٍ،
والملاعقُ تدورُ على مهلٍ
تريد التقاط الزمنَ الهارب…

في كلِّ مساءٍ،
يدور النادلُ مثلَ ملاكٍ ضجرٍ،
يوزّعُ فناجينَ الدهشة،
ويكتبُ على الحائطِ بالطباشير،
“من تذكّرَ نفسه، يُطرَدُ فورًا.”

نجلسُ طويلاً،
نبتسمُ بلا سبب،
نستمعُ إلى أغنيةٍ لا تتكرّرُ
لأنّ أحدًا لا يتذكّرُها بعد انتهائها.

إحداهنّ تضحكُ كما لو أنّها عرفتْ حبيبًا في حياةٍ سابقة،
ثمّ تسألُ: “هل قلتُ هذا من قبل؟”
ولا أحدَ يجيب.

تغفو الكلماتُ في أعيننا،
تتسلّلُ الأرواحُ إلى ما قبلَ الذاكرة،
نحنُ الظلال الذين نُعيدُ تمثيلَ أخطائنا القديمة
على مسرحٍ مهجور.

عندَ الإغلاق،
تطفأُ الأنوارُ ببطءٍ،
وتنسحبُ الأرواحُ إلى الغيبوبةِ الأولى،
كلٌّ يحملُ فنجانَه الفارغَ
كشاهدٍ على عدمِه.

وفي الصباح،
حين يفتحون المقهى من جديد،
تجدُ الطاولاتِ رطبةً
برائحةٍ تشبهُ الندم،
وكُرسيًّا مقلوبًا
تعثر به أحد ما … حاول الهرب …

  • شاعرة وكاتبة تونسية
    مجيدة محمدي شاعرة وأديبة تونسية، تكتب الشعر، والقصة القصيرة والمقالات الأدبية والاجتماعية، متحصلة على شهادة المدرسة الوطنية للعلوم الاعلامية ENSI متحصلة على عدة شهائد تقديرية ودكتوراه فخرية، من مختلف المؤسسات الثقافية العربية والدولية متابعة للشأن الثقافي العربي اشتغلت سابقا مديرة العلاقات العامة بوكالة سيروس الإعلامية الالمانية وصحفية رئيسة القسم الادبي بها، موظفة، زوجة وأم لثلاث أطفال. لها إصدار شعري بعنوان " انا واخرياتي ومخطوط ديوان آخر بعنوان " نص خارج النص" ومخطوطة كتاب مقالات ودراسات بعنوان "العين الثالثة

اقرأ أيضا

أترك تعليقا

سجّل اسمك وإبداعك، وكن ضيفًا في محافلنا القادمة

ندعو الأدباء والشعراء وسائر المبدعين إلى أن يُضيئوا حضورهم بيننا بتسجيل أسمائهم وتعمير الاستمارة التالية، ثم النقر على زر «أرسل» ليكون اسمكم ضمن قائمة الدعوات إلى تظاهراتنا الثقافية القادمة — حيث يلتقي الإبداعُ بنبض الحياة، وتُصاغ الكلمةُ في فضاءٍ يليق بكم وبأحلامكم.