الصفحة الرئيسية قصّة قصيرة صابر الحميدي يكتب “بالقلب والرّوح!!”

صابر الحميدي يكتب “بالقلب والرّوح!!”

325 مشاهدات 1 دقائق اقرأ

جاء السائح الألماني إلى تونس بحثًا عن شمسٍ دافئة وصحراء صامتة،
ولم يكن يعلم أنّ القدر يقوده إلى مدينة
لا تُشبه المدن… بل تُشبه قلبًا مفتوحًا على العالم.

دخل توزر كمن يدخل حكاية،
فالواحات كانت تلوّح له بخضرتها،
والنخيل ينحني قليلًا احترامًا لغريب جاء من آخر الأرض،
والقصور الطينية تهمس له بلغة لا تُفهم… لكن تُحَسّ.

كان يظن أنه زائر لأيام،
فإذا بالأيام تزوره،
وإذا بتوزر تمدّ يدًا من دفء،
وتُخبره بلا كلمات:

من يدخلني مرة… لا يغادرني أبدًا.”

تجوّل بين أسواقها، شعر أن الوجوه تعرفه،
وأنّ الأطفال يبتسمون له كما لو كان جزءًا من الصورة،
وأنّ النسيم القادم من الجريد
يحمل شيئًا يشبه الطمأنينة التي لم يعرفها في بلاده.

وفي ليلة هادئة،
وقف أمام سماء توزر المرصّعة بالنجوم،
وقال في نفسه:

هذا المكان لا يُرى بالعين… هذا يُرى بالقلب.”

هناك، تحت القمر،
أدرك أنّ الحقيقة لا تُسافر،
بل تنتظرنا في مدينةٍ كانت تُناديه منذ زمن.
فأسلم قلبه قبل أن يُسلم اسمه،
وصار واحدًا من أبناء الواحة،
يصلي بين النخيل،
ويحفظ طرقات المدينة أكثر مما يحفظ شوارع طفولته.

لم يعد ألمانيًا
صار جريديًا بالقلب والروح،
كأنّ النخيل أعاد تشكيل روحه،
وكأنّ الواحة أعطته وطنًا جديدًا
انبثق من يقينٍ وسلامٍ ودهشةٍ جميلة.

هكذا، علّمته تونس
أنّ الأوطان لا تُورَّث…
بل تُحبُّ حتى تسكن في النّخاع.

  • شاعر وكاتب تونسي
    صابر الحميدي، كاتب وطبيب تونسي مقيم في الدوحة، يجمع بين الممارسة الطبية والشغف الأدبي. يكتب الشعر باللغتين العربية والفرنسية، معبّرًا عن رؤى إنسانية وجمالية تنبع من عمق تجربته الحياتية والمهنية. تعكس نصوصه المنشورة على منصة "أمازون" روحًا تتأمل في الإنسان والطبيعة، مستوحاة من سحر الواحة وجمال الجنوب التونسي. يرى أن الأدب والعلم وجهان لجوهر واحد، وأن الكلمة قادرة، مثل الطب، على الشفاء وبعث الأمل في النفوس.

اقرأ أيضا

أترك تعليقا

سجّل اسمك وإبداعك، وكن ضيفًا في محافلنا القادمة

ندعو الأدباء والشعراء وسائر المبدعين إلى أن يُضيئوا حضورهم بيننا بتسجيل أسمائهم وتعمير الاستمارة التالية، ثم النقر على زر «أرسل» ليكون اسمكم ضمن قائمة الدعوات إلى تظاهراتنا الثقافية القادمة — حيث يلتقي الإبداعُ بنبض الحياة، وتُصاغ الكلمةُ في فضاءٍ يليق بكم وبأحلامكم.