الأستاذة حنان الشلّي : جحيم الآلام

جحيم الآلام
الألم إحساس فظيع… تشعر أنك في جحيم للحظات ، دقائق أو ربما ساعات..
تتأوّه ..يتزايد الألم …تتأوّه ..
يختفي طعم الحياة..
شيء بشع يعصر جسدك.. يخنق روحك…
تتأوه….لا يختفي ..يتحوّل إلى طعنات متتالية تمزٌق روحك…وكيانك…
ألم لا يطاق..
تتواصل لحظات الجحيم…
الألم هو السيّد ..هو الحاكم..
يعبث بروحك وجسدك…
تتأوه ..تتوسّل..
لا مجيب…
تدعو الله….
تتوسل….
لكن الألم
يستمر..غير مبال.
بدعواتك..
ولا بصوتك المشحون بالعجز والخوف…
الطرقات خالية من الناس…
تزينها أضواء جميلة على اليمين واليسار… تضيء خلاء…
يروق لك سكون الليل …
لكن الألم لا يتركك وشأنك..
خلاء..ثم بناية ..
المستشفى..
تدخل..أروقة فارغة تسطع منها رائحة الكلور..
رائحة تسد أنفاسك ..تزيد من ألمك..
امرأة مسنة .. تنظف المكان …تلبس ثيابا سميكة لحماية نفسها من البرد القارس..
صباح الخير تقول..مبتسمة
صباح الخير..تجيب .. في طمأنينة ..
لكن الألم يعود …
يسرق منك تلك اللحظات..
تأوه..ثم ألم .. ثم غثيان…
غرفة صغيرة …أناس تجمعوا فيها..
جمعوا هناك ينتظرون طبيبا لم يأت..
رجل عجوز وضع له الاوكسيجين…يلبس “قشبيّة” …يجلس على كرسي قديم.. بجواره ابناءه ..تملأ الحيرة والحزن ملامحهم..
تجلس امرأة على كرسي تننظر قدوم الطبيب…
شابان أخران ينتظران..
امرأة أخرى .. تقف باكية.. في أخر الرواق ..
أين يأتي أنين رجل يدمي القلوب..
يثجول الألم..ينخر أجساد الناس هناك..
الجميع حزين ..متألم …ينتظر طبيبا لا يأتي…
تظهر فجأة.. قطة صغيرة جمبلة…
تلتصق بقدميك..معلنة صداقتها فورا…
تصدر مواء جميلا…تنادي ..تريد أكلا..
سامحيني .. تقول…ليس هناك ما يؤكل..
هناك ألم …فقط.
تنتظر دون جدوى..
لا طبيب…
تهرب من هِذا المكان ..من هذا الجحيم..
تدخل مستشفى الأغنياء..
رجل أسمر يفتح لك الباب..
رجل آخر..يعطيك حقنة..
و آخر يعتني بك…
وآخر تعلو الابتسامة وجهه…يقدم لك فاتورة..تدفع الكثيرمن المال
تغادر المكان ..
لكن الألم لا يغادرك..
يظل يذكرك بنفسه بين الفينة والأخرى…
تمشي وفي كل خطوة..تنتظر أن تحلّ بك لحظات الجحيم
لحظات جحيم الآلام.

تجربة مريرة عشتها أيّام مرضي السنة الفارطة.
الحمد لله على كل حال.
أ. حنان الشلّي