رئيسية » دكة العبيد: عبيد لكنهم أحرار
الثقافة

دكة العبيد: عبيد لكنهم أحرار

دكّة العبيد مسلسل درامي اجتماعي تاريخي، يجمع بين عدة شخصيات من أماكن مختلفة حول العالم كالهند وافريقيا وأوروبا الشرقية والجزيرة العربية في بداية القرن العشرين.
مسلسل دكّة العبيد عمل ضخم وفريد من نوعه من ناحية الإخراج وحبكة السيناريو والتشويق.
يجمع العمل العديد من نجوم التمثيل:
فايز بن جريس، ابكشا بوروال، العنود سعود، هاشم نجدي، شانون غاسكين، نيك كورنوال، نتاشا شوفاني وغيرهم…
عمل من تأليف هبة مشاري حمادة، ومن إخراج الأسعد الوسلاتي.
يصف العمل معاناة وعذاب هذه الشخصيات بعد أن أُغتصبت حريتهم وفقد البعض منهم الإحساس بإنسانيتهم.
يرمي بك المسلسل ويجعلك تعيش مع شخصيات خطفوا وأسروا وباتوا رقيقا مستعبدين، أحداث مشوّقة وقوية تصور محاولاتهم الهروب في كل مرة من براثن النخاسين الذين لا يترددون في استغلالهم بأبشع الطرق من أجل الحصول على المال.
تستمر حكاية أبطال القصّة على مدى تسعة حلقات.
عبيد لكنهم أحرار…. أحرار في داخلهم.
عجز النّخاسون في أغلب المشاهد عن كسر إرادتهم والحط من كرامتهم
هي قصص متداخلة تعبّر عن تخبّط النفوس بين الحرية والشعور بالاختناق والمذلّة في جحيم العبودية وحبّ الجسد والشهوات وسطحية بعض العقول وبين سموّ النفس عند البعض الآخر.

الحلقة الأولى:
كيرلا الهند – طريق مومباي
عرب يتاجرون في الخيول على ضفاف نهر شاسع. تشرب الخيول المياه في هدوء وأخرى تصهل.
يرتاح “ذيب” وابن عمه هناك بعد حط رحالهم، اعتاد هذا الأخير تهريب الذهب في عباءته من الهند إلى بلاد العرب.
ورغم استنكار “ذيب” عليه ذلك، تراه غير مبالي يتمشّى ساخرا مزهوّا بنفسه.
في تلك اللحظة، يلتفت “ذيب” فجأة إلى الخلف ليرى بين الأشجار طيف فتاة تلبس ساري تركض.
يواصل ابن عمّه حديثه عن صعوبة تهريب الذهب في وجود العثمانيين.
ظلّ “ذيب” شاردا صامتا ثم قرر العودة وسط الغابة للبحث عن الفتاة تاركا ابن عمه في حيرة من أمره.
امتطى حصانه وغاب بين الأشجار الكثيفة باحثا عنها. مرّ زمن ولم يجدها فنزل عن جواده وتقدم خطوات حائرا، فجأة تظهر من ورائه ماسكة بيدين مرتعشتين بندقية كانت قد استلّتها من سرج حصانه مشهرة إياها نحوه. تحذره بعدم الاقتراب وتمتطي الحصان.
يبتسم “ذيب” في مكر مخبرا إياها أن الخيل العربية لا تستمع لأحد غريب، فهي مخلصة لفارسها.
ثم يأمر فرسه “رعد” لتلقي بها على الأرض. يقترب منها ويطمئنها أنه لن يؤذيها… انتهى المشهد.

السجادة الملكية – طريق الحجاج
حجيج، تحت الخيام في صحراء قاحلة.
يحذر أحدهم بقدوم عاصفة رملية قوية وأن عليهم توخي الحيطة.
تقف فجأة امرأة شابة ترتدي نقابا أبيضا خائفة تنادي أبناءها…
لكن أحدهم يضيع فتضطر للذهاب للبحث عنه بصحبة البقية، بعد العثور عليه وانتهاء العاصفة تكتشف أنهم ضيّعوا الطريق.
تواصل المرأة مع أطفالها رحلة متعبة وسط الصحراء الشاسعة وتحت وهج الشمس والحر الشديد.
تخور قواها فجأة من الجوع والعطش ويغمى عليها.
ثم تستفيق لتجد نفسها هي وأبناءها وسط قافلة.. قافلة نخاسين… انتهى المشهد.

جبال القوقاز
فتيات قوقازيات أمام منزلهن. تلعب وترقص
تخرج أمهن من كوخ قديم…ممسكة بقطعة ثياب مبتلة.. تنشرها على حبل بعد نفضها بعصبية ثم تصرخ في وجه زوجها السكير معاتبتا إياه عن عجزه عن تلبية حاجيات عائلته من أكل وثياب …..
يأتي فجأة رجل عجوز في عربة تجرها خيول هزيلة متعبة. يقترب العجوز نحو والدهنّ بعد أن جلس بعيدا قليلا عن الكوخ.
يخرج العجوز كيسا من المال من جيب داخلي لمعطفه الرث …يقف الاب السكير بعد ان سال لعابه عند رؤيته له.
يقترح عليه العجوز بيعه بناته الثلاث مقابل بضع قطع نقدية. يتردد الأب السكير قليلا ثم يطالب بالمزيد منها. يرفض العجوز فيوافق الأب بعد ثوان…
ينادي الأب السكير بناته.. تأتي الواحدة تلو الأخرى مبتسمات في براءة.. ثم يدعي أن العجوز “خورشيد” سيصطحبهن في جولة…
تنطلق العربة في طريق جبلية ضيقة مغطاة بطبقة من الطين والوحل دون رجعة…
تخرج الأم من الكوخ ثانية تنادي الفتيات الواحدة تلو الأخرى لكن لا مجيب…
يقترب منها زوجها وقد ملأ وجهه حزن عميق… تسأله زوجته في حيرة وخوف كبيران عن بناتها وماذا فعل بهن.
يجيبها بأن ما فعله كان لمصلحتهن. تنهار أمهن باكية على الأرض …يزمجر الرعد وتتهاطل أمطار غزيرة… انتهى المشهد.

ساحل جدة
يسبح شاب أسمر وسط بحر هادئ جميل بمهارة…في الأثناء يطلق عليه رجل من فوق حافة سفينة النار…ينجو الشاب بصعوبة…
ترقبه فتاة بريطانية من بعيد من خلال منظار مبهورة بما يحدث…ثم تلتفت “إليزابات” لتسأل والدها عن وجهة ذلك الشاب..
يجيبها والدها أنه على الأغلب متجه نحو بارجة بريطانية اسمها “فادن” للحصول على حق اللجوء هروبا من النخاسين التابعين لإحدى الدول العربية ومن ثم العودة إلى وطنه.
تنعت “إليزابات” العرب بالبربرة لأنهم لم يلغوا العبودية بعد.
يجيبها والدها أن الغرب ألغى العبودية ليس حبا في الحرية وإنما لأنها أصبحت مكلفة لدرجة تعطيل منافستهم الاقتصادية لكوبا والبرازيل وأنه كان قرارا اقتصاديا وليس إنسانيا…انتهى المشهد.

القرن الافريقي – قبيلة افريقية
ينادي أحد الرجال ابنه “أمادو”.. يزحف “أمادو”…. نحو والديه لتناول العشاء. أمادو طفل مشلول.
يخبر “أمادو” والده “كيلو” أن الدجاجات تهرب دائما من القن.. يبتسم والده ويقول ذلك أمر عادي لأنه ما من مخلوق خلق على هذه الأرض لكي يحبس.
ثم تسأل الفتاة الصغيرة “دادا” والدتها إن كان الله يحبهم. تجيبها بنعم. لكن “دادا” تقول إنه قيل لها أن الله لا يضع روحا طيبة في جسم أسمر.
تقول لها “فاتوما” أن الأرواح الطيبة لا تبحث عن مسكن أبيض أو أسمر وأنها تقطن فقط من يحسن ضيافتها.
يخلد الأطفال للنوم. يخيم سكون جميل ….
يأتي فجأة صراخ.. يستيقظ الجميع في ذعر…يهاجم جمع من الفرسان الملثمين القبيلة.. يحرقون بيوت القش والقصب ويقتلون من يعترض طريقهم.
يفر السكان من أكواخهم ويحترق آخرون بين ألسنة اللهب..
هرج ومرج…. صراخ وعويل…يفترق “كيلو” والد “أمادو” عن “فاتوما” زوجته الذي فر حاملا ابنه المشلول بين ذراعيه كي يقع من سوء حظه في شباك الغزاة…. تجار العبيد…انتهى المشهد.

يتواصل التشويق في بقية الحلقات حيث يحاول الأبطال الهروب من الأسر. يفشل بعضهم وينجح آخرون ليجدوا أنفسهم في كل مرة في مغامرة ورحلة جديدة.
دكّة العبيد، عمل درامي وتاريخي، يشدّ المشاهد منذ أول وهلة. عمل نجح بامتياز في وصف معاناة الإنسان في المطلق سواء كان أسمر أو أبيض، مسلما أو غير مسلم. غني أو فقير، امرأة أو رجل، طفل أو كهل…مهما كان فصله أو أصله…
فكل ما يجمع بين الأبطال في هذه الحكاية هو ألمهم ومعاناتهم من الرق والذل وتوقهم إلى الحرية.
دكّة العبيد – الموسم 1 | Shahid.net (mbc.net)

بقلم الأستاذة حنان الشلّي