تقديم النص الشعري:
هذا النص الشعري يفيض بعاطفة متمرّدة واعتداد بالذات، مبنيّ على خطاب مباشر إلى “اللائم” في صيغة حوارية، يعبّر فيها الشاعر عن انعتاقه من قيود الواقع وتمسّكه بحلم سامٍ يتجاوز الماديات.
النص يقوم على عدّة محاور دلالية: التمرّد والانعتاق: تتكرر صيغة “لا تلمني” لتشكّل لازمة إيقاعية ودفاعًا عن الذات في مواجهة النقد أو اللوم. الشاعر يبرر خياره بالتحليق بعيدًا، بالانفلات من الركود والجحود، وكسر القيود. إنها رغبة في التجدّد والانتصار على الانغلاق.
الارتباط بالكون والرموز الطبيعية: الشمس، البدر، الطائر الشحرور، السحب، الأمطار… كلها صور كونية ترفع الذات إلى مرتبة كونية، تجعلها متحدة بالطبيعة، وكأنها جزء من نسيج الوجود. هذه الرموز تنقل الحلم من حدود الواقع إلى فضاءات علوية مترعة بالضياء.
السمو الفني والخلقي: النص يعلن أن الفن هو وسيلة التسامي: “تساميت بفني” — فالفن هو الخلاص، وهو الذي يتيح للشاعر السخرية من “عشيقات التجني” و”أميرات الرياء”. هنا يظهر موقف نقدي تجاه الزيف الاجتماعي والسطحية.
الاعتداد بالذات والهوية النورانية: تتضح ذروة النص في قوله: “إذ أنا بنت السماء”. إنها صيحة وجودية تمزج الاعتزاز بالانتماء العلوي مع الإحساس بالرسالة. الذات لم تعد فردًا محدودًا بل صارت رمزًا للنقاء، أختًا للصفاء والنجوم.
البناء الفني: النص مشغول بإيقاع داخلي يتولد من التكرار (لا تلمني) ومن التوازي في التراكيب، مما يخلق انسيابية موسيقية. الصور الشعرية متوهجة، مشبعة بالضوء والحركة، وتتحول تدريجياً من المادي (الشمس، البدر) إلى القيمي والمعنوي (الصفاء، الخلود).
في النهاية، النص ليس مجرد تبرير لخيارات فردية، بل هو إعلان وجودي: ذات متحررة، حالمة، سماوية، ترفض السجن في قوالب الآخرين، وتعلن حقها في الحلم والتحليق… [نيابوليس الثقافية]
النص الشعري:
لا تلمني ان أخذت الشمس إلفا
ولففت البدر لفا
وتلحفت بنور الكون لحفا
لا تلمني ان جعلت الطائر الشحرور
ضيفا
ولبست السحب والأمطار شالا
تلك أحلامي ثمالى تتسابق ،تتعالى
نحو مجرات الرؤى
لا تلمني إن كسرت أغلال الركود
وصفقت الباب في وجه الجحود
وزرعت الحب بدرا كي يوجد
بالتآخي، بالخلود
لا تلمني إن تساميت بفني
إن سخرت من عشيقات التجني
وأميرات الرياء
إنني يا لائمي أخت الصفا
وأنا أخت النجوم ها هنا
نرعى بدرا باسما فوق الورى
بدر تم يتهادى والعلا…
فاندهش إن شئت
أو قل ما تشاء
إذ أنا بنت السماء !