في كل زاوية من هذه الأرض المحاصرة، هناك قلب ينزف بصمت، وروح تصرخ دون أن تجد من ينصت.
غزة ليست مجرد اسم على خارطةٍ صغيرة، بل جرح مفتوح في صدر العالم، وشاهدٌ أبدي على خيانة الصمت.
من بين الركام والدخان، يخرج صوت امرأةٍ تهمس للعالم:
“أنا أصرخ… لكن صرختي لا تعبر الحدود”.
أنا تلك المرأة…
أحمل داخلي ألف صرخة، وألف وجع، وألف ذكرى لأحباب رحلوا.
كل حجرٍ متشقق في بيتي له حكاية، وكل زاويةٍ مظلمة تحمل ظلّ طفلٍ كان يضحك ذات يوم.
لكن الضحكات انطفأت، وما تبقى هو أنين مكتوم ينهش صدري.
أصرخ دون أن أفتح فمي، وأبكي دون دموع، فحتى البكاء في غزة أصبح ترفًا.
أحمل أسماءً لم يعد لها أصحاب، صورًا بلا وجوه، وأحلامًا مُعلقة تحت سقفٍ تهدّم فوق رؤوسنا.
أعيش كل يوم بين الحياة والموت، وأتعلم كيف أرتّق شظايا روحي كي أواصل.
غزة كلها تصرخ من الداخل…
تصبح الصرخة جدارًا نتكئ عليه، وسلاحًا في وجه الخذلان.
نحن لسنا ضعفاء؛ بل أقوياء بما يكفي لنحمل هذا الألم ونظل واقفين.
صراخنا هو احتجاج، صمود، وبقايا حياة ترفض أن تُمحى.
فهل يسمعنا العالم؟!
هل يدرك أحد أن صرخة غزة هي امتحانٌ للإنسانية كلها؟
إنه نزيف الصمت…
صوتٌ لا يخبو، حتى وإن دفنوه تحت الركام.
صرخةٌ تُعلن أننا هنا، أننا على قيد الحياة، وأن موتنا ليس نهاية الحكاية…
بل بداية لعارٍ أبدي على جبين العالم.
64