الصفحة الرئيسية قصيدة النثر إدريس أبورزق: نثرية بعنوان “أنا التعب الذي لا يُلاحَظ”

إدريس أبورزق: نثرية بعنوان “أنا التعب الذي لا يُلاحَظ”

261 مشاهدات 1 دقائق اقرأ

لم أكن يومًا ذلك الذي ينهار أمامهم.
لم أطلب عناقًا طارئًا،
ولا رفعت صوتي طالبًا نجدة.
لم أبكِ على كتف أحد،
ولا تركت أثرًا على الطاولة يدل على أنني لست بخير.

أنا… التعب الذي لا يُلاحَظ.

كل ما بي يحدث بصمتٍ متقن.
أنفاس ثقيلة لا تُزعج أحدًا،
نظرات شاردة لا تُثير فضولًا،
وابتسامات صغيرة تُخفي خيبات كبيرة.

أستيقظ كل صباح وأرتدي ملامحي كما يرتدي الجنود دروعهم،
أقنع نفسي أنني بخير،
ثم أخرج إلى العالم…
كأنني أُجيد الحياة.

لكن الحقيقة؟
أنني مُنهك.
لا من أمر واحد… بل من كل شيء.
إنهاك لا يُبكيني،
لكنه يسحبني من الداخل، ببطء لا يراه أحد.

أنا لا أصرخ.
لا ألقي الكلمات في الهواء طلبًا للعطف.
لأنني أعرف جيدًا:
الناس لا يسمعون إلا من يتألم بصوتٍ عالٍ.
أما التعب الهادئ؟
فيُعدّ ترفًا… أو مبالغة.

كيف أشرح لهم أنني أذبل… وأنا أضحك؟
أن قلبي مُثقَل، رغم أن خطواتي لا تَعرُج؟
أنني لا أحتاج حلًا… بل احتواء؟

التعب الذي في داخلي
ليس مأساة درامية،
بل استنزاف ناعم
كالماء الذي ينخر الحجر… دون أن يُحدِث صوتًا.

أبدو قويًا،
فيلقون على ظهري مزيدًا من الأحمال.
أبدو متماسكًا،
فيطمئنون أنني “سأكون بخير”
حتى وأنا أنهار من الداخل،
قطعة… قطعة.

كل ما أحتاجه أحيانًا
ليس أكثر من جملة بسيطة:
“أنا أراك… حتى في صمتك.”
أن يلاحظ أحدهم رعشة التعب في صوتي،
قبل أن تُطفئني كلماتي.

أنا لا أطلب الكثير.
لا أريد تفسيرًا لِما أشعر،
ولا تعليمات للنجاة،
ولا تلك الجمل الجاهزة عن التفكير الإيجابي.

أنا فقط أريد أن يُرى هذا التعب،
أن يُحسّ دون أن أشرحه،
أن يُؤخذ على محمل القلب،
ولو مرة واحدة.

أنا التعب الذي لا يُلاحَظ…
لأنني كنت دائمًا أُخفيه جيدًا.
وها أنا اليوم،
أدفع الثمن من عمري…
بهدوء.

  • كاتب وشاعر مغربي
    الاسم: إدريس أبورزق البلد : المغرب المدينة: سطات الإقامة : المملكة العربية السعودية المجال الأدبي: الكتابة الأدبية أنا إدريس أبورزق، قارئ شغوف وكاتب مهتم بنقل التجارب الإنسانية إلى مساحات أوسع من التأمل والفهم، متأثرٌ بالأدب العالمي، خاصة الأدب الروسي، وتفاعلاته مع القضايا الإنسانية. ولدت في عام 1977، وترعرعت في البادية، حيث تلقيت تعليمي الابتدائي قبل الانتقال إلى مدينة سطات لمتابعة دراستي في السلك الإعدادي والثانوي. وبرغم انقطاعي عن الدراسة عام 1998 قبل الحصول على شهادة الباكالوريا، كانت هذه المرحلة بداية لقاء عميق مع عالم الأدب. عملت في مكتبة أضاءت طريقي نحو القراءة، حتى أصبحت مولعًا بنهَم مطالعة الأدب العالمي المترجم إلى اللغة العربية. هذا الشغف تطور على مدار سنوات، حيث تمكنت من قراءة ما يزيد عن 1000 عمل روائي خلال 23 وعشرين سنة حتى عام 2021، الأمر الذي عمّق رؤيتي الأدبية وفتح أمامي آفاقًا فكرية جديدة. قررت العودة إلى الدراسة مجددًا، فاجتزت الباكالوريا الحرة عام 2021 والتحقت بجامعة سطات لدراسة القانون. وفي عام 2024، حصلت على الإجازة في القانون العام، مؤكدًا بذلك أن السعي لتحقيق الأحلام لا يتوقف عند أي مرحلة. على صعيد الإبداع الأدبي، أصدرتُ عدة أعمال مميزة، منها مجموعات قصصية مثل: "أنفاس الوداع"، "رسائل من كائنات منسية"، "صوت الحياة عبر مراحل العمر"، " أصوات في العتمة" ورواية بعنوان "على حافة الوداع". كما لدي مجموعة خواطر تحت عنوان "مرايا الروح" التي تُسلط الضوء على معاناة المرأة بكل تفاصيلها الإنسانية. و اعمال أخرى اقوم بنشرها حاليا على العديد من المنصات ورغم أن أياً من هذه الأعمال لم يكتب له أن يُطبع، إلا أنها لاقت صدى واسعاً عبر وسائل التواصل الاجتماعي حيث كنت أشاركها مع المتابعين. وبحمد الله تم نشر كتاب الكتروني بعنوان اصوات في العتمة تحت إشراف مجلة نور الثقافية أسعى من خلال كتاباتي إلى الغوص في أعماق النفس البشرية، واستكشاف زواياها المختلفة وصراعاتها الداخلية، وهذا ليس مجرد صدفة، بل هو نتيجة تأثري العميق بالأدب الروسي المعروف بتأمله الفريد في خبايا النفس الإنسانية، بالإضافة إلى التجارب الحياتية التي أثرت في مساري الإبداعي. أعتبر الكتابة وسيلةً تجمع بين القلب والعقل، وهدفي الدائم هو مشاركة الأفكار والقصص التي تعبّر عن عمق التجربة الإنسانية، وتلامس هموم وأحلام القارئ أينما كان. رحلتي الأدبية والفكرية علامة فارقة في حياتي، وأتطلع دائمًا إلى فتح صفحات جديدة من الإبداع والحوار الثقافي. إدريس ابورزق

اقرأ أيضا

أترك تعليقا