الصفحة الرئيسية قصيدة النثر وليد عبد الحميد يكتب “طلبات مرفوضة!!”

وليد عبد الحميد يكتب “طلبات مرفوضة!!”

130 مشاهدات 1 دقائق اقرأ

يطلبون مني أن أكون مؤدبًا كثيرًا

وخلوقًا دوما

كيف لي بذلك
وهم الذين زرعوا الأشواك في حقل أحلامي

يطلبون مني أن أكون رقيقًا دوما
وأنا الذي رضعت القسوة من الثلج المتراكم فوق بيتنا المتصدع

أبي كان بناء
احترقت جلدته من أثر الشمس
وأمي كانت تنسج من الصوف أغطية لشتاء قاس

ينتظرون مني أن أتمسح على عتبات كبار القوم
وأن أعفو عمن ظلمني
وقد يزداد بطشهم كلما ازداد تسامحي

يطلبون مني أن أكون لطيفًا
كيف لي بذلك
وأنا الذي تعرضت للضرب من مؤدب الحي وأبي وأمي والمعلم

يطلبون مني أن أكون مهذبًا وحليمًا
كيف لي بذلك
وأنا أرى وطني يغتصب وحريتي تصادر
وكتبي تحترق وصوتي يختنق

يريدونني صبورًا
وأنا الذي مل الصبر من صبري
كيف لي بذلك وثورتي سُرقت
أرى جلادي ينتعش وأكواب الفرح يرتشف

يطلبون مني السكوت
والساكت عن الحق شيطان أخرس
أرى ظلمًا تفشى في القوم
وبلدًا ترتع فيه الذئاب
والسباع شلها المرض والوهن

يريدونني أن أكون كالحرباء مثلهم
كالموج، كاللهب
متلونًا بلا مبادئ ولا قيم

يطلبون مني بكل وقاحة أن أكون راشٍ أو مرتشٍ
ويدفعونني أن أكون منافقًا

يريدونني خدوما وبئرًا يشرب منها كل العطشى
يريدونني أن أكون عاقلًا، درويشًا
وبلا عقد

كيف لي بذلك
وأنا الذي خالطت المجانين منذ ربع قرن
وأدمنت الكتابة منذ الصغر
اتهمت بسرقة القمر
وبجريمة العشق لكل مقدس

يريدونني أن أكون لينًا
كيف لي بذلك
وأنا الذي خلقت من صلب رجل
يلين الحديد ويقسم الحجارة إلى نصفين
وأم كانت تمشي حافية فوق الثلج
وتحصد القمح بضربة منجل

  • شاعر وكاتب تونسي
    وليد عبد الحميد العياري هو شاعر وكاتب وفنان تونسي، من مدينة قرمبالية، يبلغ من العمر حوالي 42 سنة . يعمل موظفًا حكوميًا وله حضور إعلامي من خلال قناة "الإنسان" التونسية ومداخلات إذاعية عديدة تتنوّع مواهبه الأدبية بين الشعر الحر وقصيدة النثر والقصة القصيرة والمقال، وقد شارك في عدة كتب مشتركة مع شعراء عرب وعالميين، ما يعكس انفتاحه على الثقافات المتنوعة . كما نشط في المجال المسرحي، بدءًا من المسرح المدرسي في نابل عام 1998، وتأثر بتجارب تعليمية أثمرت عنه كتابات نثرية وشعرية غنيّة صدر له في بداية 2024 مجموعته الشعرية الأولى، ويعمل حاليًا على: رواية، ومسرحية كوميدية، وكتاب حوارات صحفية، إضافة إلى تأليف حول تاريخ الأجداد، مع تعاطٍ عميق للقضايا العربية، خاصة القضية الفلسطينية بأسلوبه الواضح والمجازي العميق، يصوغ العياري قصائده التي تتناول الذات والوجود والمرأة والظروف العربية الراهنة، كقصيدته “لن نلتقي” و"موسم الوجع" من مجموعته "سمفونيّة الوجع"، والتي نالت تحليلات ناقدة أكدت قدرته على توليد صور شعرية تبدأ من الحزن وتمتد نحو الأمل باختصار، يجمع وليد العياري بين الأصالة والمعاصرة، يحمل تجربة متنوعة تؤهله لأن يكون من أبرز الأصوات الشعرية في تونس والمنطقة.

اقرأ أيضا

أترك تعليقا

سجّل اسمك وإبداعك، وكن ضيفًا في محافلنا القادمة

ندعو الأدباء والشعراء وسائر المبدعين إلى أن يُضيئوا حضورهم بيننا بتسجيل أسمائهم وتعمير الاستمارة التالية، ثم النقر على زر «أرسل» ليكون اسمكم ضمن قائمة الدعوات إلى تظاهراتنا الثقافية القادمة — حيث يلتقي الإبداعُ بنبض الحياة، وتُصاغ الكلمةُ في فضاءٍ يليق بكم وبأحلامكم.