أيا بحر،
قل لي…
من الذي علمك الحزن؟
من الذي أوصاك أن تحتفظ بالسر ولا تبوح؟
من الذي جعلك مرآة لقلوب العاشقين،
ثم تركك تبكي وحدك في آخر الليل؟
أيا بحر،
كم من دمعة بلعتها دون أن تئن؟
كم من صرخة خبأتها بين أمواجك؟
كم من سفينة وعدتها بالوصول…
ثم غدرت بها في عمق الغياب؟
قل لي،
لماذا تلوح لنا كل مساء؟
هل تودعنا؟
أم تدعونا للعودة إليك؟
أم أنك تعلمنا
أن لا وداع يدوم،
ولا مرفأَ يأوي كل الأماني؟
أيا بحر…
أتحب الليل مثلي؟
أتخاف من الوحدة؟
أتحن إلى اليابسة أحيانا
أم أنك ولدت لتبقى دون مأوى،
تتقلب بين المد والرحيل؟
أيا بحر،
لماذا تشبهني كلما تأملتك؟
لماذا حين أغوص فيك
أشعر أنني أقترب من نفسي أكثر؟
لماذا يشتد الصمت في حضرتك
حتى يصير نداءً؟
قل لي…
من أنا في عينيك؟
عابر؟
سائل؟
أم ظل حكاية لم تكتمل؟
أيا بحر…
أعطني منك حكمة،
أعطني منك اتساعا،
أعطني منك القدرة على احتواء كل شيء
دون أن أفيض،
دون أن أغرق،
دون أن أشتكي…
أيا بحر…
لماذا لا تهدأ؟
لماذا لا تهدأ؟
لماذا لا تهدأ؟