533 رواية “قهوة بالحليب على شاطئ الأسود المتوسط” للكاتب المغربي، الأستاذ عبد الكبير الدادسي تُعتبر من أروع الأعمال الأدبية التي قرأتها. لقد غمرتني بشغفها وأسلوبها الفاتن، الذي يمزج بين البساطة والعمق، مما جعل القراءة تجربة ممتعة. رواية “قهوة بالحليب على شاطئ الأسود المتوسط” تسلط الضوء على معاناة المهاجرين الأفارقة أثناء رحلتهم عبر البحر الأبيض المتوسط، الذي يُصوَّر كرمز للمخاطر والصراعات. تتناول الرواية قضايا الفقر، القهر، والبحث عن الأمل لحياة كريمة، لكنها تكشف قسوة الواقع الذي يحطم الأحلام. من خلال شخصيات متعددة وأحداث مأساوية، تقدم الرواية صورة إنسانية عن الهجرة، حيث يمتزج الأمل بالمعاناة تُظهر الرواية بوضوح الصراع الداخلي والخارجي الذي يعيشه المهاجرون العرب والأفارقة، الذين يحاولون عبور البحر المتوسط بحثًا عن الأمان. ميادة، الشابة السورية، واللاجئ الإفريقي مامادو، هما شخصيتان تُجسدان معاناة الهجرة، حيث يتواجهان مع الجوانب القاسية للصراع في بلديهما الأم. وفي المغرب، على الرغم من تباين خلفياتهما الثقافية، يتقاطع مصيرهما في رحلة مشتركة نحو الأمل. الرواية تبرز الصراعات السياسية والعنصرية والظروف الاجتماعية، وتهدف إلى تسليط الضوء على قضايا تتعلق باللجوء والبحث عن هوية جديدة في أرض غريبة. عندما نبحث عن الحب في عالم مليء بالكراهية والظلم، نجد أن الرواية تقدم تجسيدا لهذه القيم في صورتها الأسمى. من خلال تحول شخصية “ميادة”، التي كانت تحمل مشاعر عنصرية، إلى شخص قادر على قبول الآخر وتقديره، تقدم الرواية درسا في التغيير الذاتي والقبول. هذه التغيرات في مواقف الشخصيات تساهم في بناء رسالة مؤثرة حول الانتصار على العنصرية والتعصب، وهذا ما يُجسد بشكلٍ عميق في علاقات الشخصيات، وخصوصًا العلاقة بين “ميادة” و”مامادو”. إنه حوار ثقافي وإنساني يعكس تصالحًا مع الذات والآخر. ختامًا: رواية “قهوة بالحليب على شاطئ الأسود المتوسط” لا تقدم فقط سردا أدبيا جذابا، بل تتجاوز ذلك لتكون منصة لنقاش قضايا إنسانية جوهرية تتعلق بالتسامح، والهجرة، والعدالة الاجتماعية. إنها دعوة للتفكير في كيفية بناء مجتمعات أكثر عدلاً ورحمة، حيث يتفاعل الأفراد مع بعضهم البعض بعيدًا عن الفوارق العرقية والدينية. هذه الرواية، ببلاغتها اللغوية وأسلوبها السردي الرائع، لا تقتصر على سرد مآسي المهاجر.