11 يمثّل الصادق شرف حالة فكرية وأدبية نادرة في المشهد الثقافي التونسي المعاصر، فهو ليس كاتباً بالمعنى التقليدي، ولا شاعراً منغلقاً في جماليّات اللغة، بل مثقّف إشكالي اختار أن يجعل من الكتابة فعلاً معرفياً صدامياً، ومن النص ساحة مواجهة مع السائد والمألوف. ينحدر الصادق شرف من مدينة منزل تميم، غير أنّ انتماءه الحقيقي يتجاوز الجغرافيا، ليقيم في فضاء السؤال: سؤال المعنى، وسؤال الحرية، وسؤال العقل حين يُحاصر بالدما، وسؤال الإنسان حين يُختزل في هوية مغلقة أو يقين جاهز. أولاً: الصادق شرف كمفكّر 1. مشروعه الفكري يقوم فكر الصادق شرف على تفكيك البُنى الذهنية التي كبّلت الإنسان العربي، خصوصاً: بنية الخطاب الديني المؤدلج بنية الطاعة الاجتماعية بنية القداسة الزائفة إنه لا يهاجم الإيمان، بل يفضح استعمال المقدّس كأداة سلطة، ويُميّز بوضوح بين: الدين كتجربة روحية والدين كجهاز ضبط اجتماعي مقطع فكري دال (تمثيلي): حين يتحوّل السؤال إلى خطيئة، يصبح العقل عدوّاً، ويغدو الجهل فضيلةً محروسة بالنصوص. 2. موقفه من العقل والحرية يرى الصادق شرف أنّ العقل ليس أداة تفسير فقط، بل أداة تحرّر. لذلك يرفض العقل التبريري، ويؤمن بالعقل النقدي القَلِق، الذي لا يستقرّ في اليقين. مقطع فكري: الطمأنينة التي لا تمرّ عبر الشك، ليست إيماناً، بل نومٌ عميق للعقل. ثانياً: الصادق شرف شاعراً 1. الشعر كفعل مقاومة في شعره، لا نجد الزخرف اللفظي ولا الغنائية السهلة، بل نجد: لغة مشدودة صورة فكرية قصيدة تسائل أكثر مما تُغنّي الشعر عنده ليس ترفاً جمالياً، بل احتجاج وجودي. مقطع شعري دال: أنا ابنُ السؤال لا قبيلةَ لي سوى الشك، ولا وطنَ إلا الكلمات التي لا تركع. 2. كسر الأشكال والأنساق كسر الصادق شرف: الوزن حين قيّده الشكل حين تحوّل إلى قفص البلاغة حين صارت تزويقاً بلا معنى مقطع شعري: علّقوا المعنى على مشجب الطاعة… ثم سألوني: لماذا بردت القصيدة؟ ثالثاً: جدليّاته وإقصاؤه أثار الصادق شرف جدلاً واسعاً لأنّه: قال ما يُفكَّر فيه ولا يُقال رفض التواطؤ الثقافي فضح صمت النخب فكان الثمن: التهميش سوء الفهم وأحياناً التخوين مقطع جدلي: أخطر ما يواجه المفكّر ليس السلطة، بل القطيع الذي يدافع عنها باسم الفضيلة. رابعاً: الصادق شرف والإنسان في عمق مشروعه، يظلّ الإنسان هو المركز: الإنسان الحر الإنسان الهش الإنسان الباحث عن معنى خارج الوصاية مقطع إنساني: لا أريد إنساناً معصوماً أريده شجاعاً بما يكفي ليعترف بضعفه، ويفكّر. إنّ الصادق شرف ليس اسماً عابراً في الثقافة التونسية، بل صوت قلق، مزعج، ضروري. هو من أولئك الذين لا يقدّمون أجوبة بل يعيدون إلينا حقّ السؤال. الصادق شرف