176 على امتداد أربعة أيّام، عاش مهرجان الريشة في دورته الرابعة تجربة فريدة جمعت بين الإبداع والقراءة والفنّ، في شراكة واسعة بين المكتبات العمومية ودور الشباب والثقافة، وبين المدارس الابتدائية والإعدادية التي فتحت أبوابها ليشارك أطفالها في هذا الحراك. أيام امتزجت الورشات بالمسابقات، وتحوّلت الفضاءات إلى ساحات للّون والحكاية، حيث تحفزت ريشات الرسم والكتابة واكتشفت متعة القراءة الجماعية وسنحت لهم الفرصة للقاء شعري ومحاورة مع المبدع فؤاد حمدي الذي شاركهم تجربته الأدبية وخطواته الاولى في اكتشاف موهبته، وتنقلوا بين أنشطة تنشيطية وفنية وثقافية أعادت الحيوية إلى المؤسسات. هذه الشراكة التي جمعت:المندوبية الجهوية للشباب والرياضة بجندوبةالمندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بجندوبةالمندوبية الجهوية للتربية بجندوبةدار الشباب بلطةدار الثقافة بوسالمالمكتبة المتنقلة 1 بجندوبةالمكتبة الجهوية بجندوبةدار الثقافة بوعواننادي الأطفال المتنقل ببوسالمالمكتبة العمومية بوسالم لم تكن شكلية، بل فعلا حيّا جعل الثقافة تتحرك خارج جدرانها، وتذهب بنفسها إلى الطفل، فترافقه في المدرسة وتستضيفه في المكتبة، وتفتح له أبواب دور الثقافة والشباب ليشعر أن كل هذه الفضاءات له، وأن التعبير حقّ يمارسه لا ترفا عابرا.في اليوم الرابع والأخير، جاء التتويج ليختم المسار بروحٍ من الاعتزاز، فارتفعت الوجوه الصغيرة فوق المنصة لقطف ثمار مشاركتها، وكأنّ الجوائز تعترف بما زرعته الأيام السابقة من شغف وثقة. وفي هذا السباق والسياق، حضرت الاغنية واللحن العذب بصوت الفنانة مروى الحبيب وحضرت الرواية أيضا كجزء من المشهد الثقافي؛ إذ قدم الناشر والكاتب والاعلامي وليد الفرشيشي رواية الكاتبة نجوى القادري “الماجدة” عن دار اركاديا في لحظة رمزية تخاطب الأطفال: هكذا سنستقبلكم عندما تكبرون، وهكذا يعود من تعلّق بالكتاب في طفولته إلى المنصّات ككاتب يحمل تجربته للعالم. في “الماجدة” تفتح نجوى القادري نافذة على أعماق المرأة بكل تناقضاتها هشاشتها وقوتها دموعها وفرحها عشقها وهجرها آمالها ويأسها رحلة داخل النفس الأنثوية حيث الحديقة السرية تحتضن الأحلام والمخاوف وتكشف عن رغبات جامحة تتجاوز الكليشيهات لتثبت أن المرأة أقوى حين تفهم ذاتها قبل أن يطلب منها العالم أن يُفهمها. بذلك اختتم المهرجان نسخته الرابعة، ليس كحدث عابر، بل كعهد جديد بين المؤسسات الثقافية والتربوية، يضع الطفل في قلب الفعل الثقافي، ويؤمن بأنّ الريشة التي تُمسك اليوم بخجل قد تصبح غدا أداة كتابة، ورمزا لبداية رحلة لا تنتهي… الصحفية عبير غزواني