الصفحة الرئيسية قصيدة النثر مجيدة محمدي: نثرية بعنوان “خيانة بيضاء”

مجيدة محمدي: نثرية بعنوان “خيانة بيضاء”

460 مشاهدات 1 دقائق اقرأ

أنا اليوم
قررتُ أن أخونَ ذاكرتي،
أن أنسلَّ من جلدِ الحنينِ كأفعى عجوز،
تعبت من لسعِ نتوءات الأحراش،
ومن نُدوبِ الوقتِ على جسدِ الغيمة، الهاربة.

أنا اليوم،
أودعتُ مفاتيحي القديمة
في صدرِ صندوقٍ خشبيٍّ
تفوحُ منه رائحةُ النسيان المُمَلَّح،
وقلتُ، كفى!

ألتحقُ بسِربِ الغزاة،
أولئك المتمترسين على حافّةِ الفعل،
يَسِنّونَ رغبتهم كالسيوف،
يُطلّون من شقوقِ المعنى
ويزرعون في العواصفِ نشيد الماء،

لم أعد أرغبُ
أن أُطعمَ ذاكرتي من جسدي،
أن أُرضعها من حليبِ الرؤى اليابسة،
أن أُربّتَ على كتفِ الأمس
كلّما انطفأ الحاضرُ من حولي.

أنا اليوم،
كغصنِ زيتونٍ نبتَ في منفى،
لا يحنُّ للجذور،
ولا يطمئنُّ إلى الغصون.

تركتُ حكاياتي تمشي حافيةً
فوقَ شوكِ التأويل،
وانحنيتُ للريح،
كي أُخفي ملامحي عن القصائد
التي ما عادت تعرفني.

الغزاةُ،
هنا،
عند تخومِ الإرادة،
يرفعونَ الراياتٍ
ينشدونَ صوتا له شفاهُ البرق،
ويرقصونَ فوقَ جثثِ الحلم القديم.

وأنا،
بلا ذاكرةٍ،
بلا بكاءٍ،
بلا قصيدةٍ تذكرني،
خنتُ ذاكرتي
لأبحث عن نافذةٍ
لا تطلُّ على جرحٍ
ولا تُغلقُ على قيد.

* الصورة : بورتريـه الشـاعـرة آنـّا أخمـاتـوفـا
للفنان الـروسي ناثـان آلتـمـان

  • شاعرة وكاتبة تونسية
    مجيدة محمدي شاعرة وأديبة تونسية، تكتب الشعر، والقصة القصيرة والمقالات الأدبية والاجتماعية، متحصلة على شهادة المدرسة الوطنية للعلوم الاعلامية ENSI متحصلة على عدة شهائد تقديرية ودكتوراه فخرية، من مختلف المؤسسات الثقافية العربية والدولية متابعة للشأن الثقافي العربي اشتغلت سابقا مديرة العلاقات العامة بوكالة سيروس الإعلامية الالمانية وصحفية رئيسة القسم الادبي بها، موظفة، زوجة وأم لثلاث أطفال. لها إصدار شعري بعنوان " انا واخرياتي ومخطوط ديوان آخر بعنوان " نص خارج النص" ومخطوطة كتاب مقالات ودراسات بعنوان "العين الثالثة

اقرأ أيضا

أترك تعليقا