لمعتْ في رأسِها شعرةٌ بيضاء،
تتلألأ في خِصلاتِ الليلِ المتدلّية
كأنها رايةٌ من عالمٍ غيبي،
تُلوّح بصمتٍ: أن الأجلَ يقترب
أيتها الشعرة البيضاء،
ما الذي جاء بكِ إلى أرضِ النعاس؟
كيف لم ترتجفي في حضرةِ السواد؟
أأنتِ همسةٌ خفيّة؟
أم وعدٌ ملبّسٌ بالخوف؟
ما هويتُك؟
وما مقصدُك؟
إن كنتِ زائرةً… فجدّتي لا تفتحُ أبوابَها لمثلك،
وإن كنتِ نذيرةً… فالموتُ صار في قلبي مألوفًا،
فمرحبًا بكِ، ومرحبًا بأخواتِك،
لكن لا تُطِيلوا المكوث
ليحزنِ الجيران،
ولتنوحَ الأسرة،
وليصرخِ الأحبّة
فالرحيلُ وقع،
واشتعلت نيرانُ الحنينِ في الصدور
جدّتي
يا ضوءًا أطفأه القدر،
كنا نلتمسُ طمأنينةَ الحياةِ في جوارك،
ونشربُ الدفءَ من ضوءِ ابتسامتك
كنتِ سندًا، وكنتِ وطنًا،
وكم تمنيتُ لو أهديتكِ عمري،
لكنّ الموتَ لا يُساوِم،
ولا يُؤخِّرُ قدرًا كُتب
نامي بسلام،
فدموعُنا سَتُروِي ترابَك،
وغيثُ السماء سيُقبّلُ قبرَك،
وأنتِ باقية،
حيثُ لا موتَ ولا فُقدان،
في جوارِ الواحدِ الصمد.