86
كتبت تحت وقع صورة طفل من غزة يحدّق في حطام بيته بعينين جامدتين
ما عاد يرغب في البكاء
ذاك الذي يحدق جامدًا
تحجرت مقلتاه وروحه بردت
احتبس فيه الشعور
بما حواليه يدور
على مدى ذاك العراء
ما عاد يرغب في البكاء
إنما في زمن التطبيع العربي
اكتفى بالتطبيع مع أوجاع صدره
بات يدثره مطر الشتاء..
فراشه طمي السيول
خضب “أوزوريس” طينه
بدم وماء
لا بيت لا سقف
لا موقد يأوي إليه من الصقيع
إنما تقلق الذكرى كراه
يدفئ الشوق رؤاه
يحضن جدب الوسادة
وفي البال صدر أم
ترقد تحت التراب
روحها عند السماء
ما عاد يرغب في البكاء
جف ماء العين منه
أعدم الإحساس فيه
مشهد أحجار بيت
مزق أوصال أهل شيدوه للأمان
فإذا الجدران فن
يبدع الحتف نحاتًا
من بقايا، من شظايا وأشلاء
أيها الصامد قهرًا
خذ زمامك، امتط فرس زمانك
نحن الذين ثكلنا
بين الرموس ظللنا
خلفك محض هباء