قصيد نثري معانيه رمزية ( الرصيف والعجوز … إلخ)
على الرصيف
تغازل أضواء الشارع
السيارات الرياضية
–
ونفوس مختنقة
تمشي على
رصيف مختنق
حتى ترتدي
الشمس
رداء النوم
وتنام بين
أحضان الجبال
معلنة غربتي
–
تأتي الظلمة
تسحب
من رصيد أيامي
يوما صيفيا ساخنا
ترسله
لينام
مع الشمس
–
ترتحل الوجوه
تقتبس من النور
هنا وهناك
كحشرات
يجذبها الضوء
–
على الرصيف
ضوء خافت
إنه مقهى
الحي المهجور
جلست مع فنجاني
حول طاولتي
المرتعشة
–
القهوة فيها
تراودني عن نفسها
تلهث لتقبلني
–
أرشفها فتنسيني
مرور السيارت العادية
–
سيارات إختفت
وتركت للطريق الطريق
–
الطريق بدأ في التنفس
والحياة بعد الحريق
–
طريق لملم أعضاءه
واستجمع جسده المتفحّم
–
جلست معي
الكلمات المختنقة
كلمات تكبّل
لساني
–
عجلة الزمن
تمر بجانبي
يمتطيها طفل
بداخلي
يحن إلى الطيران
–
مُجالس يشكو
مرارة الزمان
يندب حظه
يمخر عباب
التاريخ
ويطرح مآسيه
–
اندفعت
نحو الرصيف
لأتنفس أفكاري
–
الرصيف
يستقبل أسراري
وأحزاني
وثورتي
–
سيارات
تبحث عن
مكان لها
على الرصيف
تخشى الطريق
–
تحمل
أسرار وغرائب
وإحساس بالغربة
حتى تصل لرصيف لها
–
تهرب من شرطي
حكم عليها بالوقوف
–
سراب مرّ هذا
اليوم وككل يوم
هو سراب
–
اندفعت نحوه
فاختفى في عربة
عجوز تمر
على الرصيف
–
رصيف يجمعني
بأعضائي
الهاربة مني
–
كل صباح
يمنعني النوم
من الحياة
–
أبكي صباحي
ويبكيني
عند اللقاء
–
هل أنا نزيل
على هذا الرصيف
أم هو رصيفي
–
انتبهت
لتلك الفتاة
تفترش صيفي
تنهل من خيراتي
وتنعم بالنوم
في أحضان رصيفي
–
انتبهت
لتلك العجوز
تجرّ عربة عجوزاً
تحمل فيها
أيام الشباب
وأمنيات المستقبل
تمر في هدوء
على الرصيف
–
تنظر لي ولقهوتي
وتنظر للطاولتي
المتهالكة
وتواصل المرور
مبتسمة حينا
متجهمة حينا آخر
–
إنها لا تكلّ ولا تمل
تتقدم ولا تقف
–
تمر فتاة الحي
المتمرّدة
تطلب يدي لتمر
–
إنها التي يقولون عنها
نساء الحي غانية
وتسهر في
صالونات الشاي المنمقة
–
إنها أيضا تجلس
على أريكة أمامها طاولة
ولا فرق بيننا
لأنها تنتمي لذات الرصيف
–
في صالون الشاي
المجاور يوجد طاولات
طاولات تحسبها جديدة
ولكنها أدخلت
مرارا وتكرارا
لصالونات الحلاقة والتجميل
–
إنها طاولات تستهوي
الشباب والحسناوات
–
إنها صالونات كثيرة
على الرصيف
في الشتاء تنكمش
وفي الصيف تسيح
وتحتل الرصيف
–
في الصالونات
لا تحسب نفسك
تتخلص من الذباب
والناموس
فالصيف ملك
لتلك الحشرات
–
يبادرك
بائع مشموم فل
“نوّر يامعلّم” “نوّر أستاذ”
فأنت تجلس
حول طاولة
بجانبك حسناء
زينّها
الفل والياسمين
ولكن تهاجمك الحشرات
من حين لحين
–
تحاول أن
تتجاهل هجماتها
لتحيا اللحظة
ويراك المارة
وتحس أنك عظيم
نسر في السماء
–
وعندما تنتهي السهرة
وينتهي العرض
تخطو خطوات
وتبتعد عن الطاولة
لتسير على الرصيف
–
أين تصبح كأيّ شخص
إنّ الرصيف بدون ثمن
–
وكل الناس
يمكنها استعمال الرصيف
لتكون نسرا
أو ديكا
أو ذئبا
أو دجاجة
–
ذاك هو الرصيف
وتلك هي طاولتك
وأنت تختار
أين تكون
ماذا تكون
في مقهى
الحي المهجور
أو في صالونات الشاي المنمقة
نسرا أو دجاجة
–
ولكن اعلم
أنك على الرصيف
وتلك العجوز
مازالت تتقدم
على رصيفك
ورصيفي …
الشاعر محمد هادي عون
أضف تعليق