1K على الرصيف تغازل أضواء الشارع السيارات الرياضية – ونفوس مختنقة تمشي على رصيف مختنق حتى ترتدي الشمس رداء النوم وتنام بين أحضان الجبال معلنة غربتي – تأتي الظلمة تسحب من رصيد أيامي يوما صيفيا ساخنا ترسله لينام مع الشمس – ترتحل الوجوه تقتبس من النور هنا وهناك كحشرات يجذبها الضوء – على الرصيف ضوء خافت إنه مقهى الحي المهجور جلست مع فنجاني حول طاولتي المرتعشة – القهوة فيها تراودني عن نفسها تلهث لتقبلني – أرشفها فتنسيني مرور السيارت العادية – سيارات إختفت وتركت للطريق الطريق – الطريق بدأ في التنفس والحياة بعد الحريق – طريق لملم أعضاءه واستجمع جسده المتفحّم – جلست معي الكلمات المختنقة كلمات تكبّل لساني – عجلة الزمن تمر بجانبي يمتطيها طفل بداخلي يحن إلى الطيران – مُجالس يشكو مرارة الزمان يندب حظه يمخر عباب التاريخ ويطرح مآسيه – اندفعت نحو الرصيف لأتنفس أفكاري – الرصيف يستقبل أسراري وأحزاني وثورتي – سيارات تبحث عن مكان لها على الرصيف تخشى الطريق – تحمل أسرار وغرائب وإحساس بالغربة حتى تصل لرصيف لها – تهرب من شرطي حكم عليها بالوقوف – سراب مرّ هذا اليوم وككل يوم هو سراب – اندفعت نحوه فاختفى في عربة عجوز تمر على الرصيف – رصيف يجمعني بأعضائي الهاربة مني – كل صباح يمنعني النوم من الحياة – أبكي صباحي ويبكيني عند اللقاء – هل أنا نزيل على هذا الرصيف أم هو رصيفي – انتبهت لتلك الفتاة تفترش صيفي تنهل من خيراتي وتنعم بالنوم في أحضان رصيفي – انتبهت لتلك العجوز تجرّ عربة عجوزاً تحمل فيها أيام الشباب وأمنيات المستقبل تمر في هدوء على الرصيف – تنظر لي ولقهوتي وتنظر للطاولتي المتهالكة وتواصل المرور مبتسمة حينا متجهمة حينا آخر – إنها لا تكلّ ولا تمل تتقدم ولا تقف – تمر فتاة الحي المتمرّدة تطلب يدي لتمر – إنها التي يقولون عنها نساء الحي غانية وتسهر في صالونات الشاي المنمقة – إنها أيضا تجلس على أريكة أمامها طاولة ولا فرق بيننا لأنها تنتمي لذات الرصيف – في صالون الشاي المجاور يوجد طاولات طاولات تحسبها جديدة ولكنها أدخلت مرارا وتكرارا لصالونات الحلاقة والتجميل – إنها طاولات تستهوي الشباب والحسناوات – إنها صالونات كثيرة على الرصيف في الشتاء تنكمش وفي الصيف تسيح وتحتل الرصيف – في الصالونات لا تحسب نفسك تتخلص من الذباب والناموس فالصيف ملك لتلك الحشرات – يبادرك بائع مشموم فل “نوّر يامعلّم” “نوّر أستاذ” فأنت تجلس حول طاولة بجانبك حسناء زينّها الفل والياسمين ولكن تهاجمك الحشرات من حين لحين – تحاول أن تتجاهل هجماتها لتحيا اللحظة ويراك المارة وتحس أنك عظيم نسر في السماء – وعندما تنتهي السهرة وينتهي العرض تخطو خطوات وتبتعد عن الطاولة لتسير على الرصيف – أين تصبح كأيّ شخص إنّ الرصيف بدون ثمن – وكل الناس يمكنها استعمال الرصيف لتكون نسرا أو ديكا أو ذئبا أو دجاجة – ذاك هو الرصيف وتلك هي طاولتك وأنت تختار أين تكون ماذا تكون في مقهى الحي المهجور أو في صالونات الشاي المنمقة نسرا أو دجاجة – ولكن اعلم أنك على الرصيف وتلك العجوز مازالت تتقدم على رصيفك ورصيفي … الشاعر محمد هادي عون