غدا أحبّك قالت طفلة لفتًى
أمضى مع الحُلْم عقدا ثم وقّعَهُ
إذ هبّت الريح شرقًا نحو ضحكته
طارت يداه و فوق الغيم أوقعَهُ
لم يلعن الطقس.. بند العقد يحفظه
لم يكترث أبدًا.. بل عضّ إصبعَهُ
هناك في الغيمِ قلب الطفل مختبئ
و ضحكة البنت أيضا سافرت معَهُ
اِستلّ من فكرة.. خيطا بإصبعه
أدارهُ.. مرّة أولى.. و ربّعَهُ
هنا سنسكن.. لا الإيجار يرهقنا
و لا مجال لوقت كي نضيّعَهُ
سنجعل السقف مترا فوق قامتنا
ما أدفأ البيت في ذهني و أَوسعَهُ
نحتاج باباً.. تُجاه البحر قِبلته
لا ينبغي أن تكون الأرض موضعَهُ
فإن.. أضعتُ مفاتيحي.. أو انكسرَتْ
سهل على الموج لو يأتي ليخلعَهُ
و قالت البنت.. بابٌ واحد خطأٌ!
و اخرجتْ خيطها أيضاً لتقنعَهُ
و قهقه الطفل.. ألغى كل فكرته
و مزّق الخيط أشلاء و جمّعَهُ
و فكرة.. فكرة.. و الخيط في يدها
تعيد هندسةً أخرى لتبدعَهُ
بابانِ مختلفان الآن.. أيّهما
أحلى إليه!؟ و أي البيت أقنعَهُ
الدائرات شبابيك.. و جارتنا
ستستفيق لزوج كي تدلّعَهُ
و لو دنا مرة منها بشهوته
هل سوف أرفع من صوتي لأمنعَهُ
و ربما طفلها يبكي بلا سبب
ليلا.. فتنزع فستانا لترضعَهُ
لا ينبغي أن نراها هكذا.. و لذا
نغيّر الآن في الشبّاك موقعَهُ..
تغارين مني على الجيران؟ قال لها
كأنما خيّبت جدّا توقّعَهُ
مستلقيان على عشب الخيال هما
و جال في ذهنه صوت و روّعَهُ
ماذا إذا احتلّ أرضي عسكر نهِمٌ
و نصّب الجيشُ صوب البيت مدفعَهُ؟
أو قال لي الجند هذا البيت يلزمنا
و حرّكوا فيلقًا عاتٍ ليوقعَهُ
هل أستجير بجاري؟ مخجل طلبي..
أم سوف يبدي بلا شك تواضعَهُ؟
الطفل يسأل.. صوتٌ شق فكرته
و أيقظ البنت مراتٍ لتسمعَهُ
الطائرات بلا شك تحوم هنا..
ما عاد في العمر توقيت لنجمعَهُ..
عودي لبيتك ركضا بعد ثانية
سيغرس الموت في الدنيا أصابعه..
من شهقة الضوء لاحت شمس دمعته
و الطفل يسأل.. كيف العقد ضيّعَهُ
و البنت عادت إلى فستان دميتها
من بعد أن حلفتْ أن لا تودّعَهُ
غدا أحبّكِ.. عودي الآن مسرعة
غدا أعود لبيتي كي أوسّعَهُ
في الغيم طارا على أنغام قنبلة
ما أبيض الصوت في قلبي و أبشعَهُ
ما أجمل البنت.. قلب دافئ أبداً
ما أنبل الطفل إذ يهذي و أروعَهُ
ما أملح الحب.. دمع غير مكتملٍ
ما أجمل العقد كذّاباً و أمتعَهُ.
محمد أمين بن علي
قصر هلال_تونس 29/09/2023
أضف تعليق