الصفحة الرئيسية الشعر الحر عمر سبيكة يقدّم قصيدة بعنوان “عِبَادَهْ”

عمر سبيكة يقدّم قصيدة بعنوان “عِبَادَهْ”

560 مشاهدات 1 دقائق اقرأ

ذِكْرَى لِكَيْ نَسْتَدْرِجَ الشَّوَارِدَ،
نَنْسَى نَهَارَ الْحَرْبِ أَنْ نُهَاوِدَ،

نَنْسَى نَهَارَ الْحَرْبِ أَنْ نَمْتَهِدَ
نَنْسَى الْأَنَا بِمَا سَدَا أَوْ أَسْنَدَ

ذِكْرَى لِكَيْ نُفَرِّحَ الْمَعَابِدَ،
تَخْتَرِقُ الرُّوحُ سَمَاوَةَ الشَّدَا،

ذِكْرَى لِكَيْ نَنْسَى غَدًا تَغَمَّدَ،
هَلْ يَرْتَوِي الْحُبُّ بِمَا تَوَرَّدَ؟

ذِكْرَى لِكَيْ نَنْسَى ظَلَامًا آبِدًا،
ويَسْكُنُ الْأَنَا أَنَاهُ وَاحِدَا،

ذِكْرَى لِكَيْ نُعَانِدَ الْمَوَاقِدَ،
هَلْ قَائِمًا مِحْرَابُنَا أمْ سَاجِدًا؟

تَجَلَّلَ المَاءُ ومَا تَأَكَّدَ
هَلْ صَاعِدًا مِعْرَاجُنَا أَمْ قَاعِدًا؟

وَمَادَ، هَمَّدَ الرَّمَادَ وابْتَدَى،
هَلْ يَكْتُمُ النَّهْرُ بَيَانًا وَارِدًا

بِبَالِهِ الْفَرَحُ مَاءً آمِدًا؟
مَازِالَ ذَلِكَ الْفَتَى مُعَانِدَا،

يُصَدِّقُ السَّرَابَ مَهْمَا احْتَقَدَ،
مَازَالَ يَعْلُو يَلْمَسُ الْمَقَاصِدَ،

يُصَدِّقُ اللَّهَ إِذَا مَا الْتَحَدَ،
لَسْتُ جَلِيسَ عَابِدٍ، أَنَّى سَدَا،

اسْتَرْسَلَ الْمَاءُ فَبَلَّلَ الْغُدَا
وبَلَّلَ الْخَيَالُ قَادِمًا قَدَا،

وصَدَّقَ الْعُبَابَ كَيْفَ أَرْغَدَـ،
أَصْحَابُهُ أَقَامَهُمْ وأَقْعَدَ،

فَقَادِمٌ مِنَ الْهُنَا ابْتَعَدَ،
وذَاهِبٌ إِلَى الْهُنَاكَ وَطَّدَ،

وكَادِحٌ حَنَا وحَنَّ، أَحْمَدَ
أُصَدِّقُ الْقَلْبَ ومَا عَقَدَ،

لَسْتُ نَبِيًّا أَحْفَظُ الْعَقَائِدَ،
إِذَا وَنَتْ أَوْ أَذْعَنَتْ مَنْ أَعْقَدَ،

أَوْ هَيَّجَتْ عَسْكَرَهَا حتَّى اعْتَدَى،
لَسْتُ جَلِيسَ قَائِدٍ إِذْ حَدَّقَ،

أَوْ أَغْدَقَ الْمَدِيحَ لَمَّا انْفَردَ،
أُحِبُّهَا، حَبِيبَتِي الْمُعَانِدَهْ،

قَدْ سَنْبَلَ الْحُبُّ وقَدْ تَنَجَّدَ،
والشَّفَقُ الشَّاهِقُ عَانَقَ الشَّدَا،

حَلَّقَ وَارْتَقَى سَامِقَا بَدَا
كَخَفْقَةٍ تُرَسِّخُ التَّوَحُّدَ

بِالْجَسَدِ الوَاحِدِ حَتَّى يَصْعَدَ،
لَسْتُ أمِيرَ خَيْمَتِي كَيْ أَسْرُدَ

مَا رَسَمَ الطِّفْلُ ومَا تَرَافَدَ،
مَا وَقَدَ الْقَلْبَ ومَا لَنْ يَقِدَ،

مَنْ وَتَّدَ الْاَوْتَادَ، لَادَّ، لَدَّدَ،
عَلِقَ بِالْمَشْهَدِ حِينَ شَاهَدَ،

وَ قَالَ ثُمَّ قَالَ ثُمَّ شَدَّدَ،
وشَدَّنَا بِشَدَّةٍ وأَشْهَدَ،

اسْتَدْرَجَ الْقَلَمَ والْقَصَائِدَ،
ودَنَّسَ السَّمَاءَ حَتَّى أَخْمَدَ،

حَاوَلَ أَنْ يُرَاقِبَ الْمَرَاقِدَ
لَمَا هَفَا الْقَلْبُ، وهَافَ سَاهِدًا،

لَمَّا اسْتَفَاقَ، شَقَّ مَا اقْتَشَدَ،
واحْتَشَدَ الحُبُّ، جَدَى وجَاوَدَ

ثُمَّ أَشْرَبَ التُّرَابَ مَاءً بَارِدَا،
لَسْتُ إِمَامًا غَائِبًا أَوْ شَاهِدَا،

لَسْتُ إِمَامَ الْحَرْبِ لَمَّا أَسْنَدَ،
لَسْتُ حَمَامًا حَالِمًا أَوْ حَامِدَا،

لَسْتُ خَطِيبًا إِذْ حَدَا أَوْ حَدَّدَ،
مَازِلْتُ عَاشِقًا أُبَلِّلُ النَّدَى،

أُحَاذِرُ اللَّيْلَ ومَا تَغَمَّدَ
مِنْ غَسَقٍ اشْتَدَّ حَتَّى انْحَرَدَ،

خَدَّدَنِي الْقَفْرُ ومَا تَخَدَّدَ،
ومَا تَرَدَّدَ اليَقِينُ مَا كَدَا،

لَمَّا النَّدَى نَدَّ ومَا تَجَرَّدَ،
تَذَكَّرَ النِّسْيَانُ مَا تَرَمَّدَ

أَذْكُرُ أَنَّنِي نَسِيتُ مَوْعِدًا
فَمَا كَفَانِي الْقَفْرُ حِينَ أَوْعَدَ،

ومَا كَفَتْنِي غُرْبَتِي أَنْ أَشْهَدَ،
ومَا كَفَانِي الْحُبُّ حُبًّا شَارِدَا،

وَمَا كَفَانِي الْعُمْرُ أَنْ أَطَّرِدَ،
هَا قَدْ نَسِيتُنِي، نَسِيتُ مَنْ قَدَا

أَذْكُرُ ذَلِكَ الْفَتَى لَمَّا بَدَا،
تَشَرَّدَ الْخَيَالُ ثُمَّ احْتَشَد،

احْتَشَدَ الظِّلُّ وَمَا تَوَصَّدَ
شَرَّدَنِي الْقَصِيدُ ثُمَّ اسْتَطْرَدَ،

ازْدَحَمَ الْقَفْرُ وحِينَ اعْتَقَدَ،
لَمَّا جَدَا الْقَلْبُ، جَادَ سَارِدًا

  • شاعر تونسي
    عمر سبيكة، شاعر تونسي وُلد في 14 أكتوبر 1958 بمدينة حمّام الأنف. تخرّج مهندسًا مساعدًا في النسيج باختصاص الصباغة والتكملة من المعهد الأعلى للنسيج بقصر هلال، لكنه اختار أن يجعل من الشعر مساره الأوسع ومن الكلمة فضاءه الأرحب. أصدر منذ سنة 2001 أكثر من أحد عشر ديوانًا شعريًا، منها: عناق، الأرض تركض خلف خطاها، كليم الورد، أفق الناي... جناح القطا، بيان الحديقة، إلى آخر المطر، الوثبة البيضاء، خيال الماء، أنا لست هنا، وما وقر من القصائد. وقد حازت بعض أعماله جوائز عربية بارزة، مثل جائزة القدس الدولية الأولى (2022) عن ديوانه خيال الماء، وجائزة البديع العربي الأولى (2022) عن ديوانه أنا لست هنا. وفي سنة 2025، أصدر سيرته الذاتية بعنوان الأرض تشقى. إلى جانب الشعر، مارس عمر سبيكة الإبداع السينمائي منذ السبعينات، فكتب وأخرج أفلامًا قصيرة روائية ووثائقية نالت جوائز في المهرجان الدولي لفيلم الهواة بقليبية. وهو أيضًا ناشط نقابي ساهم في تأسيس النقابة الأساسية للموظفين وتقنيي المخابر بالقطب التكنولوجي ببرج السدرية، وفاعل حقوقي شغل منصب كاتب عام فرع الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بحمام الأنف–الزهراء–رادس من 1989 إلى 2015. شاعر مناضل، جمع بين القلم والالتزام، وبين القصيدة التي تبحث عن الجمال والحرية، والعمل النقابي والحقوقي الذي يحمي كرامة الإنسان.

اقرأ أيضا

أترك تعليقا

سجّل اسمك وإبداعك، وكن ضيفًا في محافلنا القادمة

ندعو الأدباء والشعراء وسائر المبدعين إلى أن يُضيئوا حضورهم بيننا بتسجيل أسمائهم وتعمير الاستمارة التالية، ثم النقر على زر «أرسل» ليكون اسمكم ضمن قائمة الدعوات إلى تظاهراتنا الثقافية القادمة — حيث يلتقي الإبداعُ بنبض الحياة، وتُصاغ الكلمةُ في فضاءٍ يليق بكم وبأحلامكم.