165 غابوا دون سابق إنذار…كأن الحياة قررت في لحظة أن تنتزع من أرواحنا جزءًا لا يعوَّض، وتترك في المكان فراغًا لا يملؤه صوتٌ ولا ذكرى.لم نشبع من وجودهم، ولم نمنحهم ما يكفي من الكلمات التي كانت تستحق أن تُقال، تلك الكلمات التي كنّا نؤجّلها حتى يضيع الوقت، ويضيعون هم معه. نسينا، في زحمة النجاة اليومية، أن نقول لهم: نحبكم كثيرًا.ونسينا أن العمر أقصر من أن نضيّعه في صمتٍ متردد، وأن الحضور أثمن من أن نؤجله ليومٍ لا يأتي. رحلوا بلا رسائل، بلا خيط يدلّ علينا حين نبحث عنهم في العتمة، بلا أثر يُطفئ حيرتنا التي تكبر مثل يتيمٍ على باب الليل.تركوا وراءهم سكونًا يشبه درسًا قاسياً: أن الذين نحبهم لا يغادرون متى شئنا، بل متى شاء القدر… وأن الفقد ليس حدثًا، بل صدى طويل يواصل في داخلنا حياته الخاصة. نُرسل دعاءنا إليهم، كأن الدعاء طائرٌ يعرف طريقه إلى السماء مهما ثقل الجرح،لكن الحسرة… الحسرة باقية،تجلس معنا على أطراف الأيام، وتُذكّرنا بأن أقسى ما في الحياة ليس الموت…بل أن يختفي الأحبة ونظلّ نحن نحمل نصف كلمة… ونصف وداع… ونصف قلب. الكاتب صابر الحميدي