380 تونس… لماذا نحبها؟ ربما لأنها ليست مجرد بقعة على الخريطة، ولا مجرد مدن وجبال وصحراء، بل روحٌ تتجول بين البحر والصحراء، بين الأزقة القديمة وأشجار الزيتون التي تحكي قصص الأجيال، وبين حدائق البرتقال التي تعبق بالحنين والبهجة، وبين النخيل الذي يصمد شامخًا كرمز للصبر والحرية، بين الماضي والحاضر. إنها قلبٌ ينبض فينا قبل أن يضخ الدم في عروقنا، وذاكرة تختزن أحلام الطفولة وهمس البحر ودفء الشمس على التربة الخصبة. نحبها لأنها تعلّمنا أن الحياة يمكن أن تكون بسيطة وملهمة في آنٍ واحد، كما شجرة الزيتون التي تصمد في حرّ الشمس، أو بساتين البرتقال التي تمنحنا رائحة الفرح في كل صباح، أو النخيل الذي يعلمنا الثبات في وجه الرياح والعواصف. نحبها لأنها تختصر تاريخًا طويلًا في حضارة متجددة، وثقافة غنية، ونغمات موسيقية تنبعث من أزقتها كما لو كانت ترانيم الروح نفسها. لكن تونس ليست مجرد سياحة وبهجة الطبيعة، بل هي أيضًا حضارة العقل والعلم، قطب تكنولوجي، ومنارة للإبداع والابتكار. من مختبرات البحث إلى مراكز التكنولوجيا، ومن الجامعات إلى الصناعات الحديثة، تونس تثبت أن حضارتها ليست في الماضي وحده، بل في المستقبل أيضًا، وأن تقدمها العلمي والتكنولوجي جزء لا يتجزأ من هويتها ونجاحها المستمر. في تونس، كل لون، كل ركن، كل صمت أو حركة يحمل معنى. البحر يُعلّمنا الصبر، الريح تُخبرنا بالحرية، والصحراء تحفر فينا درس البقاء والجمال، والزيتون يُخبرنا عن الثبات، والبرتقال عن الفرح الذي لا يزول، والنخيل عن عظمة الصمود وروح الحياة، والعلم عن قدرة الإنسان على تحويل الخيال إلى واقع، والتكنولوجيا عن مستقبلٍ نكتشفه ونصنعه بأيدينا. تونس ليست فقط جميلة، بل تجعلنا نشعر بالحياة، تجعلنا نرى الأشياء بعين القلب قبل العين، تجعلنا نتأمل الماضي ونحلم بالمستقبل، ونحسّ بأننا جزء من قصة أكبر، قصة أمة، قصة روح، قصة حب لا ينتهي. وهكذا، نحب تونس لأنها أكثر من وطن، أكثر من أرض، أكثر من طبيعة ساحرة؛ إنها تجربة وجودية، لحظة تأملية، نغمة موسيقية تنبض في كل أنفاسنا، وجمال محفور في أعماقنا، كما الزيتون والبرتقال والنخيل، والعقل الذي يبدع والتقنية التي تصنع المستقبل، خالد، صادق، ومشرق دائمًا في ذاكرتنا. الكاتب صابر الحميدي