الصفحة الرئيسية قصيدة النثر ساحة القصبة: ثورية الكور على حافة أرصفة موكادور

ساحة القصبة: ثورية الكور على حافة أرصفة موكادور

114 مشاهدات 1 دقائق اقرأ

عبرتني نوارس موكادور،
ارتمت على وجعي،
مدّت جناحيها فوق كتفي،
وقالت…
هنا، على هذه العتبة،
وُلدتِ كالموجة الأولى،
وهنا، فاض الحنين من خاصرة المدينة

هنا كتبتِ القصيدة
سقطت كدمعة على فرو قطة
تموء بلا صوت،
تحدق في الوجوه
كأنها تحفظ أسماءهم
من ظلال ضاعت في الضوء

علمتني الأزقة
أن الفقر لا يخجل من الشمس،
وأن النساء
يحرسن المعنى
بأصابع مغمسة بالحنّاء،

على كتف الزمن
جدران تحفظ زفرات الجدّات
وهنّ يطفئن الفوانيس
في زنقة العطّارين،
ويقرأن الفاتحة
بلحن من ملح الدعاء
على عتبة الميناء.

هل سمعتم الهجهوج مثلي؟
أنا سمعته
ينتحب كخاصرة مكسورة
في رقصة تئنّ
تحت وقع خطى بحار
نسي المرفأ في عيني…
ورحل

رأيت عناقكم المؤجل
يحاصره ورد الغياب،
وأصابعي
تحفر في الرمل
رغبة تتشبث بالبقاء،

أنا التي سرق البحر ظلها،
ثم أعاده خيط بحار
على جناح نورس
يعبرني كل مساء

أنا العائدة من موج وحنين،
قصيدتي وشم
على جسد المدينة
تنزف منذ رعشة الفتح الأول،
وموكادور…
لا تزال تناديني
بصوت يشبه الدعاء،
وتربّت على ظهري
كأمّ لا تمل الانتظار…

في موكادور
بكيت،
وأحببت، وكتبت القصيدة..
ونسيت أحلام الطفولة…
وعدت هذا المساء،
أبحث عن ظلي في عيون الغرباء،
في رائحة الخبز
حين يبتل الفجر بملح البحر.
عانقت الريح
وبحثت عن وجهي
في زحمة الغياب،
تعلمت أن لا شيء يعود،
وأن الذاكرة
مرآة مكسورة
نرى فيها ملامحنا
ثم تختفي…

جلست على رصيف القصبة،
أعد النوارس،
وأرتق قلبي
بإبرة الضوء المتسرب
من شقوق الجدران،
تراءى لي
طيف حبيب غائب،
تدلى من عتبة بيت قديم
وصوتي
عالق في زجاج نافذة
لم تغلق يوما،
في وجه الحنين

أنا ابنة الموج
والصدى،
والخطى التي لا تنسى الرمل…
أنا التي كتبت الحزن،
بمداد العاشقين
وتركت قلبي،
يصفر
عند باب الميناء…
على إيقاع _كناوة
لترقص ملامح الزوّار
في مرايا الريح،
فتهمس النوافذ….
لا أحد يشبه المدينة…
الجميع يمرّون كأخطاء مؤجلة

الزمن ممدّد على جسد الشوارع،
يتنفس ببطء من رئة الغياب
والذاكرة تتلو آيات الرحيل
كطفل أضاع الطريق،
يحمل رائحة الأمس في جيبه،
ويطرق باب القلب…
ثم ينتظر.

في موكادور
ينام الجرح على طرف الحكاية،
يحتفظ بصورة امرأة
إذا ضحكت،
انكمش الحزن في الزوايا،
وإذا بكت،
ارتجف هديل النوارس
في حضن الموج….

رسم توضيحي لقصبة مراكش لأدريان ماثام، من عام 1640 (في نهاية فترة السعديين). تظهر الصورة هنا من الشرق، وهي تُظهر الأسوار بالإضافة إلى برج طويل كان قائماً في القصر ذات يوم.

  • شاعرة مغربية
    ثورية الكور شاعرة مغربية من مواليد مدينة الصويرة في 15 أغسطس 1977، وتنحدر من منطقة الشياظمة. درست العلوم الرياضية وحصلت على شهادة البكالوريا في هذا التخصص، قبل أن تتجه إلى عالم الأدب والشعر، الذي وجدت فيه صوتها الإبداعي الخاص. بدأت ثورية الكور نشر كتاباتها عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث لاقت تفاعلًا واسعًا، ما شجعها على الانتقال إلى النشر الورقي. أصدرت عدة دواوين شعرية، من أبرزها: "أنثى الرماد"، "تراتيل لأجنحة الوقت"، و**"امرأة في شهقة القصيدة"**. تتميز كتاباتها بلغة شفافة وعذبة، وتتناول موضوعات ذات طابع وجداني وإنساني، حيث تدمج بين التعبير عن الذات والتأمل في القضايا المجتمعية والوجودية. تُعرف الشاعرة بثقافتها الواسعة وانخراطها الفعّال في المشهد الثقافي المغربي والعربي، من خلال مشاركاتها في مهرجانات ولقاءات أدبية متعددة، كما نُشرت أعمالها في مجلات ومنابر أدبية مرموقة. الاصدارات: - هديل الحمائم مجموعة شعرية_ جامعة المبدعين المغاربة 2017. - شاميدوريا مجموعة شعرية _ الدراويش للنشر والترجمة 2018. - صليل الحروف موسوعة الخواطر المشتركة أدباء الوطن العرب ديوان العرب 2019 . - صليل الحروف موسوعة الشعر المشتركة شعراء الوطن العربي ديوان العرب 2019 - وجع الرغبة لنساء صغيرات الدراويش للنشر والترجمة 2023 _ - شدو في الحب والحياة ديوان عربي مشترك منشورات جامعة المبدعين المغاربة 2023 - ما بعد المنتصف مجموعة شعرية _جامعة المبدعين المغاربة 2023 .

اقرأ أيضا

أترك تعليقا