9 من الجنوب، من واحة الضوء والخيال، تنبعث الدورة الثالثة من المهرجان الوطني للمسرح التونسي “مواسم الإبداع“.اختار المسرح الوطني التونسي بقيادة المبدع معز المرابط أن تكون الانطلاقة هذه المرة من توزر، المدينة التي تعرف كيف تصنع من الرمل مسرحًا، ومن الصمت عرضًا لا ينتهي.من 24 أكتوبر إلى 8 نوفمبر 2025، يتحوّل المسرح إلى رحلة تمتدّ من الجنوب إلى العاصمة، من فكرة إلى حلم، من الخشبة إلى الناس. هذه الدورة ليست مجرد تظاهرة، بل هي فلسفة لامركزية ثقافية تُعيد الفن الرابع إلى عمقه الطبيعي: الجمهور، والمكان، والهوية. وهي أيضًا الخطوة الأولى نحو “ملتقى الجنوب للمسرح“، الذي يسعى إلى أن يجعل من الجهات فضاءات إنتاج حقيقية، لا محطات عبور. البرنامج هذه السنة ثريّ باللقاءات الفكرية والعروض.في توزر، تنعقد ندوة بالشراكة مع بيت الحكمة لتسائل المسرح التونسي عن هويته وتمثلاته وخصوصيته الجمالية، بإشراف الباحث عبد الحليم المسعودي.ثم تتواصل الحوارات في العاصمة من خلال ندوة ثانية بعنوان “أغورا المواسم“، بإدارة وليد الدغسني ولطفي العربي السنوسي، حيث تُفتح ملفات المسرح التونسي اليوم: جمهوره، إنتاجه، توزّعه، ومستقبله. أمّا الخشبة فستحتضن 14 عملًا مسرحيًا في المسابقة الرسمية، من مختلف الجهات والتيارات.عروض تجمع بين التجريب والبحث، وبين الحكاية والوجدان، من توقيع أسماء مثل ليلى طوبال، وفاء الطبوبي، نعمان حمدة، معز القديري، نزار السعيدي، يوسف مارس، وصالح حمودة وغيرهم من المبدعين الذين يواصلون حفر أثرهم في الذاكرة المسرحية. وسيكون ختام المهرجان تحية وفاء للفنان الراحل الفاضل الجزيري، من خلال عرض مسرحي خاص بعنوان “عربون 3“، إضافة إلى ركن “شاشات المواسم” الذي يعرض تسجيلات لأبرز أعماله بين المسرح والسينما، في محاولة لاستعادة حضوره الجميل على الخشبة وفي الوجدان. كما يرافق المهرجان معرض تشكيلي بعنوان “مشهديات” يقدّم من خلال أعمال الفنان عادل مقديش تجربة بصرية تُجسّد العلاقة بين المسرح واللون، بين الخط والضوء، ويمتدّ إلى غاية جانفي 2026 بقاعة الفن الرابع. من توزر إلى تونس، ومن الخشبة إلى القلب، تمضي “مواسم الإبداع” كاحتفال متجدّد بالمسرح التونسي، تذكّرنا أن الفن لا يعيش في العاصمة وحدها، بل في كل مكان تنبض فيه الحياة، وتنتظر أن تُروى حكايتها.