رئيسية » تحليل الناقدة فاتن بالحاج صالح لقصيدة “ثلوج الربيع” للشاعر التونسي الحبيب المبروك الزيطاري
الثقافة

تحليل الناقدة فاتن بالحاج صالح لقصيدة “ثلوج الربيع” للشاعر التونسي الحبيب المبروك الزيطاري

تندرج هذه القصيدة ضمن التيار الرومانسي و ترتبط بذاتية المبدع وانفعالاته؛ وتنتمي أيضا إلى جماعة الفكر الحر، الذي احتك بالثقافة مثل جبران خليل جبران من الشعراء المعاصرين الذين أغوتهم الرومانسية كما تشخصت في تيار الرابطة القلمية، فقد شغف بالطبيعة حبا، وكان الشعر أداته التي صور بها تأملاته في ومضات رومانسية، وهي رومانسية وضعت ذاته في مواجهة الطبيعة والكون والحياة مصبوغة بنزعة تشاؤمية مأساوية، وتظهر هذه الخاصية في قصيدته: الشاعر الحبيب مبروك الزيطاري “ثلوج الربيع”. اقرأ القصيدة على الرابط

والعنوان مركب إضافي مكون من كلمتين وهو خبر لمبتدأ محذوف تقديره: هذه، ويحيل العنوان دلاليا على معجم الطبيعة و الفصول لكننا نلاحظ مقابلة صارخة بين الثلوج رمزا لفصل الشتاء و الربيع رمزا لفصل الجمال و البهاء و الصحو و بداية الدفئ و انقضاء البرد والثلج كما نرى ان هذا المعجم يتواتر و يتكرر في كامل القصيد (اليل ، المساءات الصقيع، الأزهار، البرد ، الربيع …) وكأنما الشاعر هنا يلحن اغنية يتغنى فيها بالحبيبة ولا يريد أن يسمعه أحد، لذلك غنى أغنيته هذه في الليل هاربا من الناس وحيدا منعزلا منكفئا على ذاته؛ وفي ذلك إشارة إلى أبرز خصائص التيار الرومانسي وهي العزلة والتفرد، والهروب من الواقع المعيش إلى الطبيعة (في سكون الليل) وقد جدد الزيطاري بنية القصيدة ومضمونها فأين يتجلى هذا التجديد ؟ وما مظاهره في القصيدة ؟ هذا ما سنقف عليه في تحليلنا للنص.

و استهل الشاعر قصيدته بهدوء وصمت، تسوده أحلام شاعر حساس يبرز فيها مدى اشتياقه لمحبوبته، ودعوته سماره إلى الاستماع إلى شكواه، ليشعروا بما يختلج في صدره مت مشاعر واحساس بالالم جراء هجر الحبيبة و يلتجئ للطبيعة لما تتسم به من مناظر خلابة: البدر، الليل، النجوم … لعله يبوح لها بما يخالج خاطره من حب وشوق ( سكون الليل ، فصل ازهاري البديع ، الربيع…. )

الشاعر هنا اذا يعاني هجر حبيبته وصدها و يظهر ذلك في غلبة معجم الهجر ( حبيب بات ذكرى ، مساءات الصقيع ، ان يجافي الحب قلبي، يا ملاكي كنت قربي، كنت لي انت الجميع، السور المنيع، ابعدي عني الجفاء،… ) و في المقابل يطلب الوصل والود و الحب ( أمسحي دمعا توارى، أبعدي عني الجفاء، واذكري ما كان مني، واجعلي الماضي شفيع، خففي لفح الصقيع، اشتري قلبي … )

بعد هذه الوقفة المتأنية عند مضامين النص، سننتقل إلى استعراض أهم القيم الجمالية التي عمل الشاعر على ذكرها في هذه القصيدة، ولعل هذه القيم تكون حاضرة في معجم النص تعكسها حقوله الدلالية اىمهيمنة و منها نذكر :
أ ـ حقل مناجاة الطبيعة : وتكونه هذه الألفاظ: ( سكون الليل، فصل أزهار البديع، إنني ان مت بردا لن أبالي بالربيع …)
ب ـ حقل المشاعر: عن جوى صدري المريع خلف الصدع المريع، مساءات الصقيع ان لي قلبا بريئا كابتسامات الرضيع ـ لا تخافي ـ ان يجافي الحب قلبي في متاهات أتيه… )
ج ـ حقل الزمن: وتكونه هذه الألفاظ: الليل ـ البدرـ الهزيع الذكرى ـ المساءات اليوم

ملاحظات:
ـ يحيل حقل المشاعر على النزعة الذاتية المتألمة، وعلى العذاب الرومانتيكي الغارق في الشوق والخوف، والهروب من الحاضر إلى الماضي و ذكرياته
استنتاج: نلاحظ من خلال استقرائنا لحقول النص الدلالية هيمنة حقل الطبيعة؛ وذلك راجع لكون المدرسة الرومانطقية قد قام شعراؤها بالهروب من المدينة والحضارة إلى الطبيعة.

تحليل الناقدة فاتن بالحاج صالح
تحليل الناقدة فاتن بالحاج صالح

التعريف بالناقدة :
فاتن بالحاج صالح أستاذة لغة عربية شاعرة وناقدة من ولاية المنستير.
ناشطة بالحقل الثقافي والمجتمع المدني.
كاتبة عامة لصالون عبد المجيد يوسف للفكر والثقافة بالمهدية.
عضوة بصالون الهادي النعمان بالمركب الثقافي بالمنستير.