رئيسية » الشاعر العراقي خالد الباشق: رؤية أدبية في نص “أيُّها اللّيل الدَّامِس” للكاتبة اللبنانية عناية اخضر
الثقافة

الشاعر العراقي خالد الباشق: رؤية أدبية في نص “أيُّها اللّيل الدَّامِس” للكاتبة اللبنانية عناية اخضر

الشاعر العراقي خالد الباشق: رؤية أدبية في نص "أيُّها اللّيل الدَّامِس" للكاتبة اللبنانية عناية اخضر
الشاعر العراقي خالد الباشق: رؤية أدبية في نص "أيُّها اللّيل الدَّامِس" للكاتبة اللبنانية عناية اخضر

نص أيُّها اللّيل الدَّامِس
متَى تُسافِر مُعلِناً وِﻻدةَ حُبِّنا كي نَفْتَرِشَ لَهُ مهدَ الحَياة؟
عُصُورٌ مَضَتْ وأنا أنتَظِرُ رحيلكَ بفارِغِ الصَّبر، أراقبُ فيكَ فُسحةَ ضوءٍ تعلنُ فِيها اقترابَ موعِدنِا الأوَّل، وَحُبَّاً لم أكنْ عشتهُ من قبل….
أيُّها الشّوق اللاَّهِب لِسَماعِ صوتهِ، لنِبرَتِه، لثمالةِ كلماتهِ في سكونِ اللَّيل خفّ وطئا فصُداعك يؤرقني حدَّ العناء..
من يوقِظُ جنُونيَ الغافي في سرَادِيب نفسي ويُهديني في قمَّةِ تعقُّلِي ازدواجيَّةَ التَّفكُّر…؟!
أيُّها الفلَك الدَّائر في اسطوانِيَّتِك كيف تغيّر مجراكَ المعهود لتجعلَ ليليَ أمدا يَطول وتسرق منِّي لذَّةَ اللّقاء؟
عند بزوغ فجرِ لقِائنا سأنتَظِرُك وفي جُعبتي الكثيرُ من الكلمِات، وسأبوحُ لك بُحبّي الكبير وسهرٍ يَطول في حُضورِ طيفِك يُحادِثني..
هذهِ المرّة أنا أدري تماماً
ما أقول …
وأدري كمْ من قوَّةِ رَجُلٍ تحتاجُ لتِصمُدَ أمام نظرةٍ من عيوني الممتلِئةِ بِك..
وأعي جيِّدَاً غفوَةَ فرسِكَ الأصيلةِ عندَ ضِفافِ عِشقنا، وانهيارِ قِواك شوقاً لاحتضاني..
وكم سيلزمُك لِمقاومةِ عِطري الّذي يُشعِلُ فيكَ أحاسِيس ماتَتْ منذُ زمَن.!!!
هاتِ يدكَ وتعال الى مَنْفايَ المعزوُل عن الأْنظار..
حيثُ ﻻ يكون إﻻّ أنا ونبيذُ شوقي المُخَمَّر طِيلة سِنّي الانتظار، وقصَائدِي الثَّملة على خطوطِ يَديك..
وَهَبْلي هُناك عِشقك الأَبدِيّ، واظِهر لي بُطولَتِك التي اهدتْها إليكَ رِواياتي..
وقاوِمني ما استطَعْت..
فالأبطالُ في رِواياتي نادِرَاً ما يموتونَ.. إلّا حُبًّا..
دَعني أختزِلُ فيك قصَصَ العاشِقين عبرَ العُصور..
واختصِرُ المُعلَّقات السَّبْع بِبيتٍ انظمهُ على همَسات انفاسِك.. أغازِلُ فيك فُسْـحَةً اسكنُها بين عَينِك ومُقلَتَيك..
فغداً حينَ ألقاك ستبدأُ رِحلةُ حبِّي الّذي ﻻ يَنتهي واسافِرُ فيكَ عابِرَةً كُلَّ الحُدود.

الأديبة الكاتبة: عناية اخضر
لبنان

رؤية أدبية للنص الذي اخترناه اليوم

النص الذي بين أيدينا ينتمي إلى أدب الرسائل العاطفية المفعمة بالمشاعر والتأملات الذاتية، حيث تنساب الكلمات في محاولة لرسم لوحة وجدانية عميقة تتناول الحب، الانتظار، والشوق. فيما يلي تحليل أدبي متواضع مني لهذا النص:

1. اللغة والأسلوب كما وجدتها:
بلاغة اللغة: يتميز نص الشاعرة عناية باستخدام لغة شاعرية مفعمة بالصور البلاغية والاستعارات التي نجدها في مفرداته، مثل “نبيذ شوقي المخمّر”، و”غفوة فرسك الأصيلة”. هذه الصور تعكس قدرة الكاتبة على خلق عالم شعوري خصب يعبر عن أعماق النفس البشرية خاصة انني اعرف ان الاستاذة عناية من وقت ليس بالقصير والتقينا مرارا وسمعت منها وقرأت لها نصوصا كثيرة قبل هذا النص وأجد نفسي فاهما لها ولنصوصها.
التكرار والتنغيم: يتكرر النداء “أيها” في النص ليعزز الحالة الوجدانية، مما يخلق إيقاعًا موسيقيًا ينسجم مع الأجواء العاطفية لي اديبتنا الاستاذة عناية.
وقد وجدت أيضا ازدواجية المعاني: فالنص يمزج بين التناقضات مثل الانتظار واللقاء، الألم واللذة، مما يعكس تعقيد المشاعر الإنسانية.
وهي تناقضات تضيف جمالية للنص خاصة إذا استخدمت بعناية على يد عناية

2. المضامين والأفكار التي لاحظتها في النص:
الحب كقوة محورية: الحب في النص يظهر كقوة طاغية، تتجاوز الزمن والجسد لتصبح حالة وجودية، حيث تصف الكاتبة انتظارها وشغفها وكأنه قدر لا مفر منه.
الصراع الداخلي: النص يكشف عن صراع داخلي بين الشوق العارم والرغبة في الصمود أمام فيض المشاعر، مثل قولها: “كم من قوة رجل تحتاج لتصمد أمام نظرة من عيوني الممتلئة بك”. وما احلاه من صراح وتساؤل مميز استطاعت عناية بحرفية ان توظفه جيدا
البعد الأسطوري: تتكرر الإشارات إلى البطولة والأساطير، مثل “الأبطال في رواياتي نادرًا ما يموتون إلاّ حبًا”، مما يضفي بعدًا ملحميًا على النص.

3. البنية والسياق الموجودة في هذا النص:
التدرج الزمني: النص يبدأ بالليل والانتظار، لينتقل إلى لحظة اللقاء التي تعد بتحقيق الخلاص العاطفي. هذا التدرج يعكس رحلة وجدانية تتصاعد من الألم إلى الأمل. وهو بديع جدا
الوحدة والآخر: هناك استبطان ذاتي واضح يعبر عن العزلة والانتظار، لكنه يتطلع إلى الآخر كمنقذ ومصدر للإشباع العاطفي.

4. نأتي الى نقاط القوة في النص:
العاطفة الصادقة الواضحة: النص ينبض بعاطفة صادقة ومكثفة تنجح في إيصال المشاعر إلى القارئ والمتلقي وهذا ما وجدته أنا.
التعبير عن الانتظار: يتقن النص تصوير حالة الانتظار الممزوجة بالشوق، مما يمنحه طابعًا إنسانيًا عميقًا.
الصور الشعرية: النص مليء بالصور الشعرية المبتكرة التي تضفي عليه جمالًا وسحرًا خاصاً. وأنا واثق من قدرة الاستاذة عناية قبل أن أبدأ في تحليلي للنص أنها مميزة في هذا المضمار

5. نقاط الضعف وهذا ليس عيبا أبدا في النص لكن من واجبي وأمانتي الاشارة لها:
الإفراط في الصور: قد يؤدي استخدام الصور البلاغية الكثيفة إلى إرهاق القارئ أحيانًا، حيث يضيع المعنى في زخم التعبيرات. ويربك المشاعر ويشتت الاحساس
التكرار: رغم أن التكرار يخدم الإيقاع في بعض المواضع، إلا أنه قد يضعف النص في مواضع أخرى، مثل استخدام مفردات “الشوق” و”الانتظار” بشكل مكثف. وانا اعترف أمامكم أنّي أعاني من هذا التكرار في نصوصي القديمة
غياب البناء السردي المحكم: النص يعتمد على التدفق الشعوري الحر، مما قد يجعله أقرب إلى الخاطرة منه إلى النص الأدبي المكتمل البناء.

الخاتمة التي لا بد منها الان بعد نهاية الرؤية:
النص يعبر عن تجربة وجدانية عميقة تنتمي إلى الأدب العاطفي، ويظهر موهبة الكاتبة في صياغة صور شعرية مبدعة وملامسة المشاعر الإنسانية. ومع ذلك، يحتاج النص إلى بعض التوازن في استخدام الصور البلاغية والتكرار لزيادة تأثيره على القارئ. واعود واكرر انني كصديق قديم للأستاذة والاخت عناية اخضر فلقد قرأت لها نصوصا عديدة وواكبت تجاربها الادبية وحضرت لها لقاءات وملتقيات داخل العراق حيث انها ملتزمة بالحضور الى العراق بين فترة واخرى وانا اجزم بلا أي مصلحة انها شاعرة محترمة واديبة راقية ذات قلم مميز خاصة انها ورثت هذا الحس الادبي من والدها الشاعر الزجال اللبناني حسن اخضر (رحمه الله تعالى) فهي حاملة لرسالة ادبية رائقة.

بقلم / الشاعر خالد الباشق
العراق

أضف تعليق