أنا لم أجمّل يوما مواسم الانتظار،
ولا أغمضتْ شبابيكي على الشمس
كلّ ما هنالك أنّي حُملتُ وحدي في غمغمات الوجع
إلى بعض الذين غادروا مأسورين في رسم على الجدار
لي ذاكرة تنمو كلّ يوم
تنوء بما خلّفوه من غرق
لي قلب ينام في حلم مثقوب
يفرّ مخذولا فوق عربات الريح المعطّـبة.
أنا لا أعزف القيثارة أو الرّبابة
وإنّما تبكيني مفاتيحُ الشّجن على سلّم موسيقيّ.
لا أنحني للذين جاؤوا بسيوفهم من بوّابات الفراغ
مشحونين بالغرابة والهذيان
ما زلت هنا أُقرض السماء بالونات مضيئة
أسمّيها ملائكةَ أخرِ الليل.
سأعلّق صرختي بمجرّة الصمت البعيدة
وأبتكر حنجرة للوطن الدامع …للغياب
كي يصيح. ويرتق الأرض بصهيل
يعبر أسطورة تنهض من خلف الصواري
ثمّة غموض يفوح رهبة
ثمّة أرق يسافر بنا بكلّ الجنون
ويحمل أحلامنا المؤجّلة َ طائراتٍ ورقية ً
تتصوّف فوق ظلال طويلة ِالعزلة
كانت يوما تحية لراية العبور
لا شعرَ يهجر معنـًى للطفولة
يمتحن قدرتنا على الذكرى
فالليل مسجّـًى على أصابعَ تتيمّم بالكوابيس
يرسم حلكته على مرمر الوقيعة
ويخبّئ الطوفان على زاوية المبكى
ضفائرَ ضوء تطلّ من خلف الورود
شفاهً تلثم التوابيت.
لا شمع ترقص تيجانُه في الجهة المقابلة
لا ماء يغمر حفرا داكنة في تراب الحقيقة
لا فكرة تتراءى بعريها خلف لاجئة الغايات
كلُّ المدائن أعدّت أرصفتها لطوابير المبعدين
تحتجز الصبايا العائدات منْ خلف المرايا
حجارةً هُيّئت مِدفأةً للخطيئة
أهناك من يلمح موتنا راكضا في هذا الضيق؟ …
يحتضن دمنا وفكرةً نادمة تعودُ بلا مهلةٍ
لتمنحَ الضوْءَ لملائكةٍ صغارٍ
يلعبون بهالاتِ الكواكبِ
فيدورُ الوجعُ على عجلٍ
ونعبرُ ذاكَ الصراطْ.