رئيسية » إضاءة نقدية عامة في نص “صراع” للشاعر علي عمر بقلم أ. سما البغدادي
الثقافة

إضاءة نقدية عامة في نص “صراع” للشاعر علي عمر بقلم أ. سما البغدادي

إضاءة نقدية عامة في نص "صراع" للشاعر علي عمر بقلم أ. سما البغدادي
إضاءة نقدية عامة في نص "صراع" للشاعر علي عمر بقلم أ. سما البغدادي

كتب الشاعر علي عمر:

صِـراعٌ
كضوءٍ سقطَ فَتيلُهُ
في بُؤْرةِ الوَهَـنِ
نُصارِعُ لَكَماتِ
غدرِ ظَلامٍ بَشِعٍ
يرجُمُ أحلامَنا
بحِجارةِ اللَّعنةِ
يحفِرُ نُقوشَ آثامِها
على جِدارِ أملٍ
مُتعثِّرٍ بقوانينِ الأرَقِ
مُرهَقٍ منْ طُقوسِ
عالَمِنا المهمومِ
لِنبتلِعَ مَرارةَ ليلٍ طَويلٍ
يقطُرُ ألَماً
و ينزِفُ بصَمْتٍ مُفعَمٍ
بالنَّكَباتِ والسَّقَطاتِ
أصبحَتْ كُلُّ مَحاسِنِهِ
مُلوَّثةً بالدَّجلِ والخِداعِ
بِلا ألوانٍ و بِلا جَمالٍ
لِتكتسيَ الحياةُ
بالشَّقاءِ المُحزَنِ
بنُجومِهِ الذَّابلةِ
وألحانِهِ الجَريحةِ
بأُغنياتٍ لفظَتْ
أنفاسَها الأخيرةَ
بينَ أشواكِ ليالي
الخوفِ و القَلَقِ

بقلم / الشاعر علي عمر
من مجموعته الشعرية آمال منكوبة
العراق

النص النقدي 

النص الشعري “صراع” للشاعر علي عمر يقدم رؤية عميقة للمشاعر الإنسانية وفق منظور واقعي عميق ، لواقع مليء بالحروب والصراعات، يسحق الانسان البسيط و يؤلم الذات الانسانية ، فلا تعيش في سلام ولا تدرك معاني وهوية الوطن الذي يحتوي الافراد بكل حنو ، حيث يشرق النص بصور تعبيرية مؤثرة يتجلى فيها ملامح صراع الفرد مع الظلم والقلق والفقدان. من خلال صور ر رمزية شفافة، تجهر بالشجن والانين لواقع مؤثر ضمن استعارات لغوية اخاذة و ولغة جمالية ترسخ في شعور المتلقي، بملامستها للوجع الانساني المرّ، الذي تعيشه الشعوب العربية عامة وبيئة الشاعر السوري المبدع علي عمر ، فهي بيئة تعرضت للكثير من الصراعات والتوترات والحروب المؤلمة ، واصبحت مليئة بالتوتر الداخلي والخارجي، مما يضفي على النص شعور حي يسمح للقارئ بالتفاعل مع الأبعاد الروحية والنفسية للنص.

الرمزية في النص:
رمزية نص “صراع” هي الصراع الذي تطرحه تساؤولات الذات الانسانية ، بين الأمل في خلق هوية الوطن المفقود واليأس من استمرار الصراعات والحروب ، حيث يتم توظيف ملامح رمزية للنص بشكل فعال لتجسيد هذه المعاني. على سبيل المثال، يُعمل على تصوير الظلام كعدو يدمر الأحلام، حيث يُعامل بمثابة قوى غادرة تحمل الحجارة، مما يعكس كيف يمكن للظروف المعيشية السيئة أن تؤثر على الرغبات والتطلعات الفردية. كما يرمز “جدار الأمل المتعثر” إلى الروح الوثابة للتغيير التي تريد أن تُحطم بها الضغوط الواقعية لتحقيق أحلام الذات الانسانية المسحوقة ، مما يجعل الأمل شيئاً يصعب تحقيقه.

الأبعاد الجمالية:
اللغة المستخدمة في النص تحمل طابعاً شعرياً غنياً باللغة العذبة الشجية والتوصيفات الغنية بالتأثير الذي يعطي للنص بعد جمالي ورحي ولغوي عميق ولطالما كان الشاعر علي عمر يبهرنا بتلك اللغة والقاموس الشعر الثري المتنوع والملون بفصوص اللغة الابداعية الشجية، حيث يتم توظيف التشبيه، والاستعارة، داخل الصور الشعرية المرسومة بأتقان لفظي وبعد روحي ، لإضفاء عمق أكبر على المعاني الانسانية والمضامين المطروحة داخل النص المليئة بالحزن والالم ، العبارات مثل “ليلٍ طويلٍ يقطر ألماً” تعكس حالة من الحزن المستمر، لتصوير المشاعر والعواطف الغامرة. و يجعل النص معبراً عن الإحباط والشعور بالفقدان، ويساهم في استحضار صورة ذات كينونه ناطقة بمعاني الشعور الانساني المخذول وسط الصراعات بلغة صادقة ومعبرة عن الواقع واسلوب حداثي مجدد .

الأبعاد الروحية:
على المستوى الروحي، يتناول النص قضايا الهوية والانتماء. تتجلى الروح الإنسانية من خلال الصراع مع القسوة والفقد، مما يبرز قوة الروح في مواجهة التحديات. تتجلى فيه قوة الذات الانسانية على سعيها نحو التغيير أرواح بروح مليئة بالامل ، رغم كل ما يقابلها من صعوبات. النص يعد دعوة للتأمل في قوة الإصرار والإيمان في مواجهة الضغوط والصراعات المعاشة بقوة اليقين والايمان الحقيقي بالله .

الخلاصة:
“صراع” ليس مجرد نص شعري، بل هو تجسيد لصراعات إنسانية شاملة. من خلال الرموز القوية والبنية الجماليةوالروحية الشفافة والمؤثرة في روح القارئ ، يتمكن الشاعر من نقل معاناة انسانية عامة عبر رؤية ابداعية ذات توصيفات شعرية مؤثرة ، مما يخلق مساحة للقارئ للتفاعل والتفكير. إن التأمل في الجماليات والعمق الروحي للنص يبرز قدرة الشعر على التعبير عن المشاعر الإنسانية في أبسط وأعمق صورها. دمت مبدعاً بهي الحرف شاعرنا المبدع

بقبم / أ. سما سامي بغدادي
العراق