ليست كل “كيف حالك” و”ما آخر أخبارك” أسئلة دافئة تحمل نية صافية. أحيانًا يأتي السؤال مبتسمًا، لكنه يترك وراءه ارتباكًا في القلب ورجفة في الروح، كأن ثِقلاً خفيًا وُضع على صدرك دون أن تشعر. اعلم أن هذا السؤال ليس من محب، حتى لو حاول ادعاء غير ذلك.
مثلًا، حين يسألك أحدهم: “لماذا اخترت هذا البيت؟ ولماذا تقود هذه السيارة؟”، ثم يضيف نقدًا أو اقتراحًا لم يُطلب منه، قد يبدو الأمر فضولًا عابرًا. لكن ما إن ينتهي الحديث، حتى يبدأ صمت داخلي آخر… حوار مرهق بينك وبين نفسك: هل كنت محقًا؟ هل كانت خياراتي صائبة؟ هل عليّ التبرير؟ يتحول السؤال إلى مرآة تعكس شكوكك، وكأن بذرة الشك زُرعت لتظل يقظة.
ليست المشكلة دائمًا في السؤال ذاته، بل في النبرة والنية خلفه. الفضول الصادق يقرب القلوب، أما السؤال الممزوج بالحكم والمقارنة، فيزرع مسافة صامتة بين الأرواح.
المحب الحقيقي لا يرهقك بأسئلة تثقل كاهلك، ولا يضعك في موضع الدفاع عن نفسك. لا يقيسك بمعاييره، ولا يتسلل إلى تفاصيلك ليحاكمك، بل يمنحك فضاءً آمنًا ومسافة صافية لتكون كما أنت، بلا خوف أو تبرير.