الصفحة الرئيسية قصيدة النثر “آه، لو كان موعدنا تحت المطر…” تكتب رجاء الغانمي

“آه، لو كان موعدنا تحت المطر…” تكتب رجاء الغانمي

نص شعري بعنوان "بلا رتوش"

144 مشاهدات 1 دقائق اقرأ

تقديم النص:

تأتي قصيدة «بلا رتوش» للشاعرة رجاء الغانمي ضمن التجارب الشعرية التي تعبّر بصدقٍ وشفافية عن عمق الإحساس الإنساني، وتكشف عن ذاتٍ أنثوية تبحث عن صفاء اللقاء ونقاء الشعور بعيدًا عن الزخارف اللفظية والتكلّف العاطفي. العنوان نفسه يختصر الرؤية الشعرية: لقاءٌ بسيط، خالٍ من الزينة، لكنّه مشحون بالصدق والحنين.

في هذه القصيدة، تختار الشاعرة أن تُعبّر عن تجربتها العاطفية بطريقتها الخاصة، مؤكّدة استقلالها الوجداني والفكري، فتقول: «على طريقتي الخاصة، أهديك موعدًا بلا رتوش». إنها لحظة بوحٍ صادق، تتكلم فيها الذات بحرّية لا تُقيّدها أعراف ولا تُزيّنها أقنعة.

يتدرّج النص من لحظة اللقاء إلى لحظة التأمل، فتتحول الصورة من الخارج إلى الداخل. تقول الشاعرة: «تربكني فيه نشوة اللقاء، تُنسيني أنني كنتُ ذات يومٍ جدارًا»، وهي عبارة ترمز إلى تحرّر الذات من الصمت والعزلة، فالجدار هنا صورة للانغلاق، بينما اللقاء هو انفتاح على الحياة ونهوض من الركود.

وفي صور أخرى، تمتزج الرهافة الفنية بالحسّ الوجداني، كما في قولها: «لوحةً سريالية عُلّقت على جدار، إمضاؤها: الليل والحنين». هنا تتجسّد الذات كعملٍ فنيّ يحمل بصمة العاطفة والحنين، فتغدو القصيدة لوحةً تُرسم بالمشاعر لا بالألوان.

تبلغ القصيدة ذروتها حين تقول الشاعرة: «آه، لو كان موعدنا تحت المطر… بلا ألوان أو رتوش». فالمطر هنا رمز للتطهر والتجدد، وهو الفضاء الذي تتحرر فيه الذات وتستعيد صفاءها الأول، بعيدًا عن الزينة والاصطناع.

تختم الشاعرة نصها بالعودة إلى بدايته: «على طريقتي الخاصة، حينها، أنسى أنني كنتُ ذات يومٍ جدارًا.» هذه العودة الدائرية تمنح النص تماسكه البنائي وتؤكد اكتمال التجربة الشعرية.

إنّ قصيدة رجاء الغانمي لوحة وجدانية صادقة تنبض بالحسّ الأنثوي النقي، وتعبّر عن شوقٍ إنساني للحقيقة والجمال في أنقى صورهما. هي قصيدة تُعيد للّغة بساطتها، وللعاطفة صدقها، وللشعر طهارته الأولى — [نيابوليس الثقافية]

النص الشعري

على طريقتي الخاصة،
أهديك موعدًا بلا رتوش،
تربكني فيه نشوة اللقاء،
تُنسيني أنني كنتُ ذات يومٍ جدارًا،
أو لوحةً سريالية
عُلّقت على جدار،
إمضاؤها: الليل والحنين،
وعينان عشوائيتان لا تُجيدان الإضاءة.

ماذا أقول لو التقينا،
وسارت الساعات حيث أشاء؟
ثوانٍ بلا حدود،
تُقَيِّد الوقت،
وبيني وبينك… لحظات،
تعيدني إلى الوراء،
طفلةً
جدائلها المجنونة
يفكها الريح بعزف المطر.

آه، لو كان موعدنا تحت المطر،
وأرى شفتيك تبتسمان
بلا ألوان… أو رتوش.

على طريقتي الخاصة،
حينها،
أنسى أنني كنتُ ذات يومٍ… جدارًا.

  • شاعرة عراقية
    الشاعرة العراقية رجاء إسماعيل الغانمي، وُلدت في منطقة الكاظمية بالعاصمة بغداد، وتُعد من الأصوات النسائية البارزة في المشهد الشعري العراقي المعاصر. تتميز قصائدها بعمقها الإنساني والوطني، حيث تنسج نصوصها بأسلوب شعري يتراوح بين الرمز والتأمل، مستلهمة من الواقع العراقي وتفاصيله الحياتية. تُعد الغانمي عضوًا فاعلًا في عدة مؤسسات أدبية وثقافية، منها: عضو اتحاد الأدباء العرب عضو ملتقى الشعراء العرب عضو ملتقى الشعراء والأدباء العرب عضو الأكاديمية الدولية للشعراء والأدباء العرب من أبرز أعمالها ديوان "حدائق البوح"، الذي صدر عن دار منشورات كلكامش في العراق، ويعكس تجربتها الشعرية الغنية. كما نشرت العديد من قصائدها في مجلات أدبية مرموقة، مثل "أزهار الحرف" و"بصرياثا"، حيث تناولت في قصائدها قضايا الوطن والهوية والمرأة. تُعرف الغانمي بحضورها الفاعل في المشهد الثقافي العراقي، حيث تشارك في الأمسيات الشعرية والفعاليات الأدبية، مسهمةً في إثراء الحركة الشعرية النسائية في العراق. تُجسد رجاء الغانمي في مسيرتها الشعرية صوتًا نسائيًا عراقيًا مميزًا، يعبر عن هموم الوطن والإنسان، ويُسهم في إثراء الأدب العربي المعاصر.

اقرأ أيضا

أترك تعليقا