الصفحة الرئيسية كتاب شبان نور الهدى دمراوي تكتب “يضيء شيء ما…!!”

نور الهدى دمراوي تكتب “يضيء شيء ما…!!”

نص بعنوان "جدران الانتظار"

13 مشاهدات 1 دقائق اقرأ

في مدينتي الصغيرة، الزمن يمشي ببطءٍ مريب، كأنه يجرّ خطاه فوق أرصفة متعبة.

الشوارع ضيقة، تتنفس الغبار أكثر مما تتنفس الأمل، والبيوت القديمة تصغي بصمتٍ لخطوات شبابٍ يحملون أحلامًا أكبر من مساحتها.

على المقاهي، يجلسون كحراسٍ للوهم، يراقبون ساعات لا تمضي.

أكواب الشاي الباهتة تملأ الطاولات، وأحاديثهم تعيد نفسها كصدى في بئر عميق: عن عملٍ لا يأتي، عن سفرٍ مؤجل، عن وعودٍ تُهشمها الأيام.

ضحكاتهم قصيرة، متقطعة، كأنها شرارة هاربة من عتمةٍ كثيفة، يطلقونها كي لا يُفضَح الانكسار الساكن في أعينهم.

في البيوت، تتدلى الشهادات الجامعية كإطارات صورٍ لموتى الأحلام؛ كل ورقة شهادة، وكل شهادة وعد، وكل وعد انتهى إلى رماد.

أما الذين لم يصلوا الجامعة، فقد ساقتهم قسوة الحاجة باكرًا إلى الورش والأسواق؛ يبيعون عرقهم بثمن بخس، ويخبئون في صدورهم زهرة صغيرة لا تموت، اسمها الحلم.

الفتيات بدورهن يرسمن غدًا جديدًا على نوافذ ضيقة.

إحداهن تخيط ثوبًا في غرفة خافتة الإضاءة، كأنها تحيك مصيرها مع كل غرزة.

وأخرى تبيع في دكان متواضع، تزينه بابتسامتها، كأنها تعلن أن الإرادة أقوى من الفقر.

لكن جدران الانتظار ليست حجارة فحسب؛ هي صمتٌ طويل، وعيونٌ متعبة، وقلوبٌ تحارب كي لا تنكسر.

هي ليلٌ ثقيل يهبط على المدينة في كل مساء، فيحبس الصدور بين الخوف والرغبة في النجاة.

ومع ذلك، وسط هذا السكون المثقل، يضيء شيء ما… ضحكة في ملعب ترابي، مشروع صغير يولد من لا شيء، كلمة أمل تُكتب على جدار مهمل.

في مدينتي الصغيرة، الشباب لا يستسلمون كليًا، بل يحوّلون جراحهم إلى أغانٍ صامتة، يحلمون بصوت خافت، ويقاومون بصلابة مدهشة.

وربما، خلف هذه الجدران الصماء، يولد يومٌ آخر… يوم تُهدم فيه أسوار الانتظار، وتُفتح أبواب الضوء، لتبرهن المدن الصغيرة أنها خبأت دائمًا أحلامًا أوسع من جغرافيتها، وأكبر من قيودها.

  • كاتبة مغربية
    نور الهدى دمراوي، تلميذة بالسنة الثالثة إعدادي – مسار دولي، برزت بخطابها وتمكّنها من اللغة العربية، حيث تُوّجت خطيبة جهة فاس مكناس، ونالت الرتبة الأولى جهوياً في المشروع الوطني للقراءة لموسم 2023-2024. تألّقت أيضاً في تحدي القراءة العربي وتأهلت للموسمين الوطنيين، كما تخطّ خطواتها الأولى في مجال الإبداع الأدبي من خلال روايتها ملحمة الماضي.

اقرأ أيضا

أترك تعليقا