الصفحة الرئيسية الشعر الحر نجاة الورغي من تونس تقول “لا تلمني إن تساميت بفني!!”

نجاة الورغي من تونس تقول “لا تلمني إن تساميت بفني!!”

قصيدة بعنوان "لا تلمني"

282 مشاهدات 1 دقائق اقرأ

تقديم النص الشعري:

هذا النص الشعري يفيض بعاطفة متمرّدة واعتداد بالذات، مبنيّ على خطاب مباشر إلى “اللائم” في صيغة حوارية، يعبّر فيها الشاعر عن انعتاقه من قيود الواقع وتمسّكه بحلم سامٍ يتجاوز الماديات.

النص يقوم على عدّة محاور دلالية: التمرّد والانعتاق: تتكرر صيغة “لا تلمني” لتشكّل لازمة إيقاعية ودفاعًا عن الذات في مواجهة النقد أو اللوم. الشاعر يبرر خياره بالتحليق بعيدًا، بالانفلات من الركود والجحود، وكسر القيود. إنها رغبة في التجدّد والانتصار على الانغلاق.

الارتباط بالكون والرموز الطبيعية: الشمس، البدر، الطائر الشحرور، السحب، الأمطار… كلها صور كونية ترفع الذات إلى مرتبة كونية، تجعلها متحدة بالطبيعة، وكأنها جزء من نسيج الوجود. هذه الرموز تنقل الحلم من حدود الواقع إلى فضاءات علوية مترعة بالضياء.

السمو الفني والخلقي: النص يعلن أن الفن هو وسيلة التسامي: “تساميت بفني” — فالفن هو الخلاص، وهو الذي يتيح للشاعر السخرية من “عشيقات التجني” و”أميرات الرياء”. هنا يظهر موقف نقدي تجاه الزيف الاجتماعي والسطحية.

الاعتداد بالذات والهوية النورانية: تتضح ذروة النص في قوله: “إذ أنا بنت السماء”. إنها صيحة وجودية تمزج الاعتزاز بالانتماء العلوي مع الإحساس بالرسالة. الذات لم تعد فردًا محدودًا بل صارت رمزًا للنقاء، أختًا للصفاء والنجوم.

البناء الفني: النص مشغول بإيقاع داخلي يتولد من التكرار (لا تلمني) ومن التوازي في التراكيب، مما يخلق انسيابية موسيقية. الصور الشعرية متوهجة، مشبعة بالضوء والحركة، وتتحول تدريجياً من المادي (الشمس، البدر) إلى القيمي والمعنوي (الصفاء، الخلود).

في النهاية، النص ليس مجرد تبرير لخيارات فردية، بل هو إعلان وجودي: ذات متحررة، حالمة، سماوية، ترفض السجن في قوالب الآخرين، وتعلن حقها في الحلم والتحليق… [نيابوليس الثقافية]

النص الشعري:

لا تلمني ان أخذت الشمس إلفا
ولففت البدر لفا
وتلحفت بنور الكون لحفا

لا تلمني ان جعلت الطائر الشحرور
ضيفا
ولبست السحب والأمطار شالا
تلك أحلامي ثمالى تتسابق ،تتعالى
نحو مجرات الرؤى

لا تلمني إن كسرت أغلال الركود
وصفقت الباب في وجه الجحود
وزرعت الحب بدرا كي يوجد
بالتآخي، بالخلود

لا تلمني إن تساميت بفني
إن سخرت من عشيقات التجني
وأميرات الرياء

إنني يا لائمي أخت الصفا
وأنا أخت النجوم ها هنا
نرعى بدرا باسما فوق الورى
بدر تم يتهادى والعلا…

فاندهش إن شئت
أو قل ما تشاء
إذ أنا بنت السماء !

  • شاعرة تونسية
    نجاة الورغي، شاعرة تونسية متحصّلة على الأستاذية في الآداب الفرنسية والإجازة في اللغة الروسية، ومتفقّدة متقاعدة للغة الفرنسية بسلك التعليم. تكتب الشعر باللغتين العربية والفرنسية، ولها أيضًا محاولات شعرية باللغة الروسية قدّمت في المركز الثقافي الروسي بتونس وكتبت عنها الصحف الروسية. مثّلت تونس ثقافيًا في شبابها ضمن برنامج عالم شباب كندا – Jeunesse Canada Monde، لتواصل بعد ذلك مسيرتها الأدبية بإصدار أربع مجموعات شعرية: اثنتان بالعربية (أنا لست شاعرة..!، مناجاة مع الكون والكائنات) واثنتان بالفرنسية (Nuages، Amours proches et lointaines). كما أنجزت تراجم شعرية ونثرية من العربية إلى الفرنسية لأدباء من تونس ومن بلدان أخرى. نال عطاؤها جوائز وطنية ودولية، منها: جائزة نادي الطاهر الحداد للشعر باللغتين، جائزة "زبيدة بشير" الوطنية، جائزة نساء منتدى المتوسط العالمية للقصة القصيرة، إلى جانب وسام الاستحقاق الثقافي الوطني برتبة "فارسة" وميدالية القوات المسلحة التونسية. كما كرّمتها اليونسكو مع نخبة من شعراء العالم باعتماد قصائدها ضمن مختارات تمثّل شعر القرن العشرين. دعيت للمشاركة في ملتقيات ولقاءات شعرية داخل تونس وخارجها (المغرب، إسبانيا، بلجيكا، فرنسا...)، كما نشطت في دور الثقافة واتحاد الكتّاب التونسيين والإذاعة والصحافة المكتوبة. وقد أدرج اسمها ضمن موسوعات أدبية عالمية، لتظل تجربتها علامة مضيئة في المشهد الشعري التونسي والعربي.

اقرأ أيضا

أترك تعليقا