الصفحة الرئيسية قصيدة النثر مصطفى عبدالملك الصميدي يتوق إلى عصر الحجر

مصطفى عبدالملك الصميدي يتوق إلى عصر الحجر

نص شعري بعنوان "توقٌ إلى عصر الحجر"

261 مشاهدات 1 دقائق اقرأ

أتنفَّس عصراً تتناسل فيه الوجوه كمرايا السراب،
عصراً تحتار في أدرانه روحي
وما ملكت يداها من هرمٍ
تسقيه بارات دمي المسموم
منذ فجر وجودي

أعيدني قسراً إلى رفوف الغابرين،
أستعيد حزماً من سرديات ضوء كاذب
لثورة العصر

أجرجر ذاكرتي نحو أبواب صدئة
كتبها البارود بلغة واحدة،
أسائلها عن نوايا الجمال الذي خلّفته
في خيال الأرض،
عن قصف من ذهب إلى أهله يتمطّى،
عن صفر من تربصت به ريب المنون

ها هو الباب الكبير
مصفد بورود حمر الدماء،
تفتح على مصراعيه، في الخيال، في الواقع،
أدخل في دهاليزها المقدسة،
كالأمواج تصطفق الجماجم
تدمدم بالمخططات والمعاهدات وقراءة التلمود،
بالحروب المقدسة، بالنفوس المكدسة،
بمسابقات ملوك اللون الأبيض

أتوق إلى حوار بقامة عمري،
أسأل مائة عام مضى عن ثورة التحرير،
النور والتنوير،
ما تكرمت به من إرث ووصايا،
ما تركته في صدر من اتخذ بعضهم بعضاً سخريا

أخذ نفساً عميقاً قبل أن أكبر عبثاً،
الآن تضيئني المرايا بما كتمته العصور،
ولكن ماذا عن عقود قضيتها
على سراب موشوم بالحبر،
وأوراق بلا جذور؟

ها أنا أفرغ ملكاتي من خليط الأكاذيب،
أخرائط مشروخة، وعروش من طين؟
هكذا أنهي التساؤل بحزن وريث
مغلقاً الباب خلفي

أطفئ النور
بأطراف تنهيدة يتردد صداها
في جدران الروح كحكاية خذلت ألف مرة،
أشعل شمعة من ثوب عتيق،
حالماً بعصر جديد له رائحة الغبار
وطعم الخشب

أسرح في خيال ليته يعود واقعاً،
أحلم بنداء يعاجلني، يسقط كالصاعقة
على كتفيّ المثقلتين برأس تعبأت فيه شموس خائبة
لا دفء فيها،
أخلعه كما يخلع الخريف أوراق السنديان،
أركنه في ظل ما قبل وهمٍ علبته حضارة الماكدونالدز،
وضروبها السمينة من لحومنا

أزرع مكانه عصراً حجرياً
جافاً من كل لون سوى المطر،
مكتوباً بالصحراء والجبل،
مقروءاً بالخيل والسيف،
له ملامح الميدان وصوت الحمام،
وسحنة التراب وتجاعيد الحدود التي لا تباع غصباً
عن دمنا

يستظل بالنخيل،
يصنع من سعافها سقف الخيام،
يتكئ على حجر، يشرب بحجر،
يأكل بصحن من حجر،
ينام على الصوف والحشائش،
يتحاور بلسان تدخله الجنة،
يحارب من أجل الله،
من أتى رماله غازياً

  • شاعر، ناثر، هايكويست، مترجم أدب يمني
    ماجستير أداب، ترجمة شاعر، ناثر، هايكويست، مترجم أدب مكان الإقامة اليمن

اقرأ أيضا

أترك تعليقا