342 تقديم نص القصيدة: هذا النص قصيدة وجدانية رقراقة، تنبض بعاطفة شفيفة ووعيٍ جماليّ عميق، يُبحر فيها الشاعر في فضاء التأمل والاغتراب الروحي، ويستقي جماله من ازدواج النور والخذلان، والسمو والانكسار. يبدأ الشاعر بحالة من الانسجام الكوني، حيث تتوحّد الذات مع مظاهر الطبيعة: يرتشف الندى، يرقص مع المطر، ويسبح في ضوء القمر. هذه الصور العذبة ترسم ملامح روحٍ حرةٍ شفافة تبحث عن المعنى في الجمال البريء، وتجد في العزلة أنسًا وفي الليل أنيسًا. غير أنّ هذا الصفاء يتحوّل تدريجيًا إلى حزنٍ رقيقٍ ومكاشفةٍ مريرة، حين يقول: «دنوت دنوت من الجوى، جلست مع وجد السحر»، إذ تتبدّى الذات وهي تنزلق من نشوة الجمال إلى جرح الوجود. يتصاعد الإيقاع الوجداني كلّما توغلت القصيدة في سرد الخيبة والخذلان، حيث يُعبّر الشاعر عن اغترابه بين الناس وضياعه في زمنٍ فقد المروءة والنقاء: «تعبت من دناءة البشر، سُقيت الخذلان والجفاء». هنا يخرج الشاعر من عالم التأمل الجمالي إلى عالم التجربة الإنسانية الجارحة، فتصير القصيدة رحلة من الانسجام إلى الرفض، من الحلم إلى الوعي المؤلم بفساد الواقع. لكن رغم هذا الانكسار، تختتم القصيدة على نغمة تصالح وسلام؛ فالشاعر، بعد أن عبر العاصفة، يستعيد نقاءه الداخلي، ويبعث رسالة حب وسلام إلى أصحاب القلوب الطيبة: «شكرا لكل من فضله دنا، وأحب الخير لكل البشر». هذه الخاتمة تمنح النص روحًا تطهرية سامية، تجعل الألم وسيلة للسمو لا للهلاك، فيتحول الوجع إلى نورٍ أخيرٍ من الحكمة والصفاء. إنها قصيدة تتأرجح بين الطهر والألم، بين الحلم والخذلان، بين الشكوى والسلام، وتكشف عن قلبٍ إنسانيٍّ رقيقٍ يواجه قسوة العالم بالجمال والإيمان بالخير… [نيابوليس الثقافية] نص القصيدة: ارتشفت من رحيق الندىرقصت مع زخات المطر نهلت من قصص الهوىسبحت في ضوء القمر ألفت وحدتي في الدجىسهرت مع نجم السمر بعيدا بعيدا في السماءعرجت نحو ضفاف الكدر دنوت دنوت من الجوىجلست مع وجد السّحر نثرت حرفي على الحصىغصت في بحر الضجر قلت يوما هل من دواءمن يريح قلبي المنكسر كتبت روحي إلى المدىكلمات تنزف لا تذر حلّقت بها نحو الفضاءعبرت لدنيا المستقر تاقت الروح إلى العلاللحن الحياة وعزف الوتر نسيت يومي ومن أناكلّما زاد رقم العمر لا انتمى لهذه الحياءروحي تأبى عيش الحفر حملت غربتي في الحشاتعبت من دناءة البشر سُقيت الخذلان والجفاءرأيت بعيني مرّ القدر لتحملني الرياح من الثرىلتنثرني على الموج المستعر أو أكون ريحا أو هواءيراقص بلطف اوراق الشجر لأعيش يومي لا أرىسود القلوب وقبح الوحر لكن يبقى رغم القذىدمث القلوب جميل الأثر شكرا لكل من فضله دناوأحب الخير لكل البشر سلام لكل هؤلاءسلام لنفوس من دُرر سلام وانهي بكلام الدفاءلأصحاب المكارم والنّضر