الصفحة الرئيسية قصيدة النثر محمد هادي عون: نثرية بعنوان “كيف ترضى السماء؟!!”

محمد هادي عون: نثرية بعنوان “كيف ترضى السماء؟!!”

1.7K مشاهدات 1 دقائق اقرأ

هذا اللعين يلاحقني،
يجثو على صدري…
يحاصر غضبي،

إنه ينسفُ
أنفاسيِ،
يشتتُني بل يقتل
إحساسيِ…

لكن يسأل السبيل إليك،
كيف الرجوعُ إليك؟

أمّا أنا لم أعد أعرف
طريق السلام،
رميت أوراقي،
وذبحت شرياني،
لأهدي دمي
ترياقا لشرّ الانسان

وقد عصرت جسدي
حبرًا،
فجّرته حربًا،
كم كنت ضئيلا،
وبحر الموت رحبٌ…

كم قتلني نوع
دمي،
هل كنت قتيل عروبتي؟
نعم كنت…
أنا العربي أعدم ألف
مرةٍ،
وألفُ ألفِ مرةٍ،
علّم الغراب
أحفادي
موارات جسديِ…

وعلم قاتلي تحديد
نسليِ،
وطمس ذاكرتي
واسميِ…

فهل كنت
قابيلا
أم أنني هابيل
الأصلِ؟
لعنةَ الأزل كنتُ…

وقصص الحب كنتُ،
هي قليلةٌ قصصُ الحبِ…

وكم سال دمي فيكِ
يا قصصُ،
وسُفِكت روحي
مقتولًا كنتُ،
مغدورًا كنتُ…

ولكن لم أفقد بعدُ
قصص الأمل،
هناك في جوف المعنى
قد ركنت إنسانيتي
هي ما تبقى لي
ولي وحدي

وحين سلبوا
وجودي
وصادروا هويتي

دعوتك في الغسق،
دعوتك في الفجرِ،
طلبت مدد السماء،
وعون القدر،
وانتقام الأرضِ…
انتقام الأرضِ…

لكنك لم تأتِ،
ربما لم تسمع
سيمفونية بتري،
ربما لم تُصغِ لقرقعة
عظميِ…

لقد كنت هناك وحدي
لماذا لم تُرسل رُسُلًا،
ولم تكتب نصّ الحكمِ…

ربما صنفتني
دون البشر
ولم أعد أنتمي
لجنس الإنسِ…

او رتّبتَ نوعي
دون البقر،
وهدرتَ دمي،
وأكلتَ لحميِ…

أما إخوتي فتدعو
لي بالنصرِ،
ترمي لي أكياس
الذلِّ…

سأًُواجه خالقي،
سأسألكم أمام الربِّ:
لِمَ رضيتم بألمي؟
وأرسلتم سكوتكم
مع صرخات الطفلِ؟
لماذا لعبتم بي؟
دستم جسدي كالنملِ…

سأرجُمكم بنعليِ،
سأرميكم في قبري،
سأًصليكم ألميِ…

وقاتلي، كيف
أُشفى منكَ؟
وأنت تنهش لحمي
وتمنع الحياة عني…

قاتلي، كيف تغتالني
برغيف خبزٍ؟
كيف تغدر طفلًا
يسقي طفلًا؟
كيف تنحر الماءَ؟
كيف تنحر الماءَ؟ …

كيف ترضى
السماءُ؟
كيف ترضى
يا ربُّ السماءِ…

الشاعر محمد هادي عون

  • شاعر تونسي
    محمد الهادي عون هو شاعر تونسي معاصر وناشط ثقافي، وُلد في 21 ديسمبر 1974 بمدينة نابل، تونس. إلى جانب اهتمامه بالأدب، يمتلك خلفية أكاديمية في مجالات الإعلامية وتطوير البرمجيات، ويعمل في مجال التسويق الإلكتروني، حيث يدير عدة مشاريع ومواقع إلكترونية من بينها مجلة "نيابوليس" الثقافية التي تُعنى بالأدب والفكر والإبداع التونسي والعربي. يُعرف محمد الهادي عون بإسهاماته الواسعة في تنشيط الحركة الثقافية والأدبية بالجهة، فقد أطلق وشارك في تنظيم العديد من الفعاليات والمبادرات الأدبية من أبرزها: ملتقى "عشاق الشعر"، وسلسلة "مجالس الأنس والأدب"، و"منبر الأنس والأدب"، إلى جانب مشاركته في لقاءات ثقافية نظّمتها المكتبة الجهوية ودار الثقافة بنابل. كما نُشرت له قصائد في مجلات أدبية تونسية وعربية، ما جعله يُعد من الأصوات الشعرية الحاضرة في المشهد الثقافي الحديث. من أبرز أعماله الشعرية قصيدة "اللؤلؤة"، التي كتبها بمناسبة عيد الأمهات ونُشرت في ماي 2023. تحمل القصيدة بُعدًا وجدانيًا عميقًا، حيث يصوّر فيها مشاعر التقدير والحنان تجاه والدته، ويُشبّهها بالحورية والملاك، موضحًا عجز اللغة عن الإحاطة بعظمتها، ليُهديها في النهاية "لؤلؤة" رمزية تعبّر عن محبته ووفائه. وقد لاقت القصيدة صدىً واسعًا وتأثرت بها والدته تأثرًا كبيرًا عند سماعها. يمزج عون في كتاباته بين الشعر والنثر بأسلوب شفاف وعاطفي، ويهتم بمواضيع الأسرة، الذاكرة، الحب، الوطن، والحنين، مما يجعل شعره قريبًا من القارئ، صادقًا في التعبير، ومرتبطًا بالتجربة الإنسانية اليومية.

اقرأ أيضا

أترك تعليقا

سجّل اسمك وإبداعك، وكن ضيفًا في محافلنا القادمة

ندعو الأدباء والشعراء وسائر المبدعين إلى أن يُضيئوا حضورهم بيننا بتسجيل أسمائهم وتعمير الاستمارة التالية، ثم النقر على زر «أرسل» ليكون اسمكم ضمن قائمة الدعوات إلى تظاهراتنا الثقافية القادمة — حيث يلتقي الإبداعُ بنبض الحياة، وتُصاغ الكلمةُ في فضاءٍ يليق بكم وبأحلامكم.