38 لا أدري كيف صعدت “لُوبانيّةُ” الطفولة من قاع النسيان… حلوى مطاطيّةٌ بيضاءُ كانت تتدلّى من أصابع البائع المتجوّل مثل خيطٍ من نورٍ يُساقط على أفواهنا ابتسامةَ الكون الأولى. كنتُ أقفُ أمام المدرسة وأرى العالمَ يُطوى في تلك القطعة الناعمة، قطعةٍ تلمعُ كروحٍ لم تُمسّ بعدُ بخدوش الحياة. واليوم، بعد عمرٍ يفيضُ بالظلال، استدعيتُ مذاقَها إلى فمي يا للعجبكأنّها لم تغادرني يومًا،كأنَّ ذاك البياضَما زال يحرسُ طفولتيمن الصدأ. ربّما لأنّها كانت حلوةًكحلمٍ لا يعرف الخوف،ورقيقةًكالخطوة الأولى نحو ضوءٍ لا ينطفئ،وناصعةًكقلبٍ لم يختبر بعدُموتَ الكلمات. وربّما…لأنّ الإنسان، حين يشيخُ قليلًا،يبحث في فمهعن طعمٍ يعيد إليه اسمه،ويعيد إليه تلك اللحظةحين كان يظنّأنّ العالمَقطعةُ حلوىتذوبُ ببطءٍ في القلب. الشاعرة والكاتبة مجيدة محمدي