كتب الشاعر علي عمر:
حُـلـمٌ هَـزيـلٌ
نترنَّحُ على أُرجوحةِ ليلٍ
مُظلمٍ حزينٍ
رِداؤُهُ من ضَبابِ الأرَقِ
من دُخَّانِ وَهمٍ عَنيدٍ
يُفِيقُ كآبةَ النَّدمِ
يَدفِنُ شُعاعَ الأملِ
في مقبرةِ عتمةِ الخوفِ الشَّديدِ
و على مقاعدِ المَلَلِ
في حدائقِ أمنياتٍ
طالَها الإهمالُ و النِّسيانُ
نجلِسُ بصمتٍ و حِرمانٍ
و عذابٍ بطيءٍ
كشَقاءِ قنادِيلَ صَدِئةٍ
آيلةٍ لِلسُّقوطِ
تُثيرُ هلعَ البائِسينَ
تُؤرِّقُ جُفونَ قصائِدِها المَفجوعةِ
صرخاتُ الأملِ المفزوعِ
منَ الغدِ … منَ المجهولِ
وَيلاتُ خيباتِ رُعبِها الرَّهيبِ
و تحتَ ضرباتِ سِياطِ سكراتِ
ما قبلَ وداعِ النَّفَسِ الأخيرِ
تُمزِّقُ سكاكينُ العجزِ
و خَناجِرُ اللَّعناتِ
شرايينَ فجرِنا المصلوبِ
على شِفاهِ قَدَرٍ
لا يُروِّضُ صهيلَ جُرحٍ
يُصارِعُ ألمَ السِّنينَ
كسفينةٍ مُتهالِكةٍ
تُواجِهُ عاصفةً هَوجاءَ
في بحرٍ هائِجٍ
و هديرَ الأمواجِ العاتيةِ
و ريحاً تعبثُ بها من كُلِّ ناحيةٍ
لا تهدأُ و لا تَمَلُّ و لا تستريحُ
قراءة انطباعية لنثرية الشاعر علي عمر بقلم رئيس تحرير مجلة رصيف 81 المهندس فادي جميل سيدو
تنسج أبيات الشاعر علي عمر نسيجاً من العبارات التي تلامس الروح بعمق، مستخدماً الليل كرمز للحزن واليأس الذي يخيم على النفس البشرية. الأرجوحة هنا تمثل تقلبات الحياة وعدم الاستقرار الذي يواجهه الإنسان، حيث يتأرجح بين الأمل واليأس، والضوء والظلام. الضباب ودخان الوهم يشيران إلى الغموض والتشويش الذي يعتري العقل عندما يسيطر عليه القلق والأرق، مما يجعل الفرد يفقد القدرة على رؤية الحقيقة بوضوح.
الكآبة والندم تُفيقان في النفس مشاعر الحزن العميق واليأس، حيث يُدفن شعاع الأمل في “مقبرة عتمة الخوف الشديد”. هذه الصور الشعرية تعكس الصراع الداخلي والخوف من المستقبل ومن المجهول، الذي يثقل كاهل الروح ويجعلها عاجزة عن النهوض أو الشعور بالسلام.
ومن ثم، تأتي صورة “مقاعد الملل في حدائق أمنيات طالها الإهمال والنسيان” لتعبر عن الشعور بالفراغ والتضاؤل الذي يصيب الإنسان عندما تتلاشى أحلامه وأمنياته تحت وطأة الروتين والاستسلام للواقع المؤلم. الشاعر هنا يدعو القارئ للتأمل في حال الإنسان وما يعتريه من مشاعر متضاربة، محاولاً إيقاظ الوعي بأهمية البحث عن النور والأمل حتى في أعمق ظلمات اليأس.
كتب الشاعر علي عمر هذه النثرية بعمقٍ شديد، معبرًا عن حالة من اليأس والشقاء التي تنتاب الإنسان في لحظات الضعف والانكسار. يُشبّه حالته بقناديل صدئة آيلة للسقوط، ما يوحي بالهشاشة والخطر المحدق الذي يمكن أن يحل في أي لحظة، مثيرًا الخوف والقلق في نفوس البائسين. هذه المقارنة تعكس ببراعة حالة الإنسان المعذب الذي يعيش في صراعٍ دائمٍ مع الواقع المؤلم والمستقبل المجهول.
تركيب الشاعر لكلماته بطريقة تُثير الهلع وتُؤرق الجفون تُظهر مدى الألم الذي يمكن أن تُخلّفه الخيبات والفشل في النفس البشرية. صرخات الأمل المفزوع من الغد ومن المجهول تلخص حالة القلق والتوتر التي تعتري الإنسان عند التفكير في ما يخبئه له القدر. هذا يعكس الصراع الداخلي والخوف من المستقبل الذي يعد عنصرًا مشتركًا في تجربة الحياة الإنسانية.
ويلات خيبات رعبها الرهيب وضربات سياط سكرات ما قبل وداع النفس الأخير، تُظهر بلاغة الشاعر في التعبير عن الموت والنهاية المحتومة بطريقة تحرك المشاعر وتستثير الخيال. يُقدم علي عمر من خلال هذه الأبيات صورة شعرية قوية عن الألم واليأس والخوف من المجهول، مستخدمًا اللغة كوسيلة لنقل عمق المشاعر وتجارب الحياة الصعبة بأسلوب فني مؤثر.
وقف علي عمر على شاطئ الحياة، يراقب الأمواج العاتية كما يراقب تقلبات الزمن، والرياح التي تعبث بكل شيء أمامه، لا تعرف الهدوء ولا الاستقرار. كانت هذه المشاهد تعكس صراعه الداخلي وبحثه الدائم عن السلام في عالم يبدو أنه لا يعرف الراحة.
في لحظات التأمل هذه، بدأ يدرك علي عمر أنه كالبحر في تقلباته وعمقه، وكالريح في حريته وقوته. فهو يملك داخله القدرة على مواجهة العواصف والتحديات بصلابة تماثل صلابة الأمواج، وفي الوقت ذاته، يمكنه أن يكون لينًا ومرنًا كالريح التي تغير مسارها بسهولة ويسر.
تعلم علي عمر أن السلام الذي يبحث عنه ليس في استسلام الأمواج أو توقف الريح، بل في قدرته على الإبحار وسط هذا كله بقلب هادئ وعقل صافٍ. علم أن الحياة تتطلب منه أن يكون قويًا ومرنًا في آن واحد، وأن يجد التوازن بين مواجهة العواصف والسير بجانب الريح.
مجموعة سيريوس الإعلامية
رؤية نقدية وانطباعية سريعة للنص المقدم بقلم الأستاذة القديرة والأديبة الكبيرة سما بغدادي
لطالما يمتعنا المبدع علي عمر بتلك النصوص التي تتميز باللغة الشاعرية والرمزية، وتحمل صورًا قوية وعواطف متدفقة. يبدو أن النص اليوم يتناول افكار عميق مليئة بالشجن والحنين و يعبر عن حالة من اليأس والإحباط.
يرسم لنا الصور البهية التي هي بمثابة ترنح على أرجوحة في ليل مظلم وحزين، مما يوحي للقارئ بعدم الاستقرار والضياع. تظهر الصور اللاحقة صورًا للأمل الذي يبدو مدفونًا في مقبرة من الخوف والشدة، وكذلك الإهمال والنسيان اللذين طالا في أماني الذات للسلام
رغم قتامة النص الا انه نص معبر بهي ، يعكس حالة عميقة من اليأس والضياع. بلغة تحمل قاموس شعري ثري غني بالتشبيهات والرموز، مما يعزز من تأثير النص ويجعله أكثر جمالاً
من الناحية الفنية، يمكن القول إن النص مكتوب ببراعة ويستخدم اللغة بشكل مبدع لنقل المشاعر والأفكار. ومع ذلك، يمكن أن يكون النص مفهومًا بشكل مختلف من قبل القراء المختلفين، فهو مقد الى شريحة تحمل ذائقة معينه في رؤية الواقع حيث يمكن أن يكون مفهومه مفزعًا لبعضهم وملهمًا لآخرين.
بشكل عام، النص يثير الاهتمام ويدعو إلى التأمل في معانيه المختلفة والأفكار التي قد يثيرها لدى القارئ.
أضف تعليق