1.7K عبرتني نوارس موكادور،ارتمت على وجعي،مدّت جناحيها فوق كتفي،وقالت…هنا، على هذه العتبة،وُلدتِ كالموجة الأولى،وهنا، فاض الحنين من خاصرة المدينة هنا كتبتِ القصيدةسقطت كدمعة على فرو قطةتموء بلا صوت،تحدق في الوجوهكأنها تحفظ أسماءهممن ظلال ضاعت في الضوء علمتني الأزقةأن الفقر لا يخجل من الشمس،وأن النساءيحرسن المعنىبأصابع مغمسة بالحنّاء، على كتف الزمنجدران تحفظ زفرات الجدّاتوهنّ يطفئن الفوانيسفي زنقة العطّارين،ويقرأن الفاتحةبلحن من ملح الدعاءعلى عتبة الميناء. هل سمعتم الهجهوج مثلي؟أنا سمعتهينتحب كخاصرة مكسورةفي رقصة تئنّتحت وقع خطى بحارنسي المرفأ في عيني…ورحل رأيت عناقكم المؤجليحاصره ورد الغياب،وأصابعيتحفر في الرملرغبة تتشبث بالبقاء، أنا التي سرق البحر ظلها،ثم أعاده خيط بحارعلى جناح نورسيعبرني كل مساء أنا العائدة من موج وحنين،قصيدتي وشمعلى جسد المدينةتنزف منذ رعشة الفتح الأول،وموكادور…لا تزال تنادينيبصوت يشبه الدعاء،وتربّت على ظهريكأمّ لا تمل الانتظار… في موكادوربكيت،وأحببت، وكتبت القصيدة..ونسيت أحلام الطفولة…وعدت هذا المساء،أبحث عن ظلي في عيون الغرباء،في رائحة الخبزحين يبتل الفجر بملح البحر.عانقت الريحوبحثت عن وجهيفي زحمة الغياب،تعلمت أن لا شيء يعود،وأن الذاكرةمرآة مكسورةنرى فيها ملامحناثم تختفي… جلست على رصيف القصبة،أعد النوارس،وأرتق قلبيبإبرة الضوء المتسربمن شقوق الجدران،تراءى ليطيف حبيب غائب،تدلى من عتبة بيت قديموصوتيعالق في زجاج نافذةلم تغلق يوما،في وجه الحنين أنا ابنة الموجوالصدى،والخطى التي لا تنسى الرمل…أنا التي كتبت الحزن،بمداد العاشقينوتركت قلبي،يصفرعند باب الميناء…على إيقاع _كناوةلترقص ملامح الزوّارفي مرايا الريح،فتهمس النوافذ….لا أحد يشبه المدينة…الجميع يمرّون كأخطاء مؤجلة الزمن ممدّد على جسد الشوارع،يتنفس ببطء من رئة الغيابوالذاكرة تتلو آيات الرحيلكطفل أضاع الطريق،يحمل رائحة الأمس في جيبه،ويطرق باب القلب…ثم ينتظر. في موكادورينام الجرح على طرف الحكاية،يحتفظ بصورة امرأةإذا ضحكت،انكمش الحزن في الزوايا،وإذا بكت،ارتجف هديل النوارسفي حضن الموج…. رسم توضيحي لقصبة مراكش لأدريان ماثام، من عام 1640 (في نهاية فترة السعديين). تظهر الصورة هنا من الشرق، وهي تُظهر الأسوار بالإضافة إلى برج طويل كان قائماً في القصر ذات يوم.