297 ودّعت الساحة الفنية التونسية اليوم الأحد 23 نوفمبر 2025 واحداً من أبرز وجوهها الكوميدية، الممثل نور الدين بن عيّاد، الذي وافاه الأجل عن سنّ ناهز 73 عاماً، بعد مسيرة امتدّت لعقود وأسهمت بعمق في تشكيل ذاكرة الدراما والمسرح في تونس. يُعدّ الراحل أحد رموز الكوميديا الوطنية، إذ لمع نجمه منذ ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، ونجح في أن يحجز لنفسه مكانة ثابتة لدى الجمهور من خلال أعمال صنعت الضحكة والفكرة ورسّخت حضوراً فنياً استثنائياً. فقد تميّز بأسلوبه الخاص في معالجة المواضيع الاجتماعية والإنسانية، وجسّد شخصيات عاشت طويلاً في وجدان التونسيين لما حملته من صدق وعفوية وقرب من الناس. رصيد درامي زاخر ووجوه لا تُنسى قدّم نور الدين بن عيّاد مجموعة واسعة من الأعمال التلفزية التي شكّلت جزءاً من الذاكرة الجماعية، من بينها:حكايات منوّر، خاطيني (1986)، العاصفة (1993)، غادة (1994)، الحصاد (1995)، يحب يستحسن (1997)، مال وأمال، جاري يا حمودة (2004)، شي ينطق (2005)، مابيناتنا (2007)، الأستاذ ملاك (2011)، فاميلية سي الطيب (2019)، صحن تونسي، وغيرها من الأعمال التي تركت أثراً واضحاً لدى المشاهد التونسي. مسرح قريب من الناس وروح كوميدية أصيلة لم يقتصر عطاؤه على الشاشة، بل كان المسرح بالنسبة إليه فضاءه الأول للتجريب والتعبير. فقد بصم رصيده المسرحي بأعمال لاقت نجاحاً واسعاً مثل كاتب عمومي، أولاد الحلال، درجّح درجّح يا درجيحة، إلى جانب سلسلة من السكاتشات التي ما زال التونسيون يستحضرونها مثل مسمار مصدّد، حديقة الحيوانات، عركة وتسميع الكلام، ظاهرة العرّافات، الكار الصفراء ومولاها.وقد ساهمت هذه الأعمال في تكريس صورته كفنان محبوب، قريب من الشارع، ينقل قضاياه بقالب ساخر وذكي في آن واحد. خسارة للمشهد الثقافي التونسي برحيل نور الدين بن عيّاد، يخسر الفن التونسي أحد وجوهه التي رافقت أجيالاً كاملة، وارتبطت بذكريات المشاهدين وضحكاتهم. فقد كان فناناً يؤمن بأن الكوميديا ليست مجرد ترفيه، بل نافذة لطرح قضايا المجتمع وعكس تحوّلاته. رحم الله نور الدين بن عيّاد، وأسكنه فراديس جنانه، ورزق أسرته وأحبّاءه وجمهوره جميل الصبر والسلوان. نيابوليس الثقافية