الصفحة الرئيسية قصيدة النثر جيهان حمّادي ستشنف سمعكِ طربا وقولا

جيهان حمّادي ستشنف سمعكِ طربا وقولا

نص شعري بعنوان "الهيجاء الناعمة"

371 مشاهدات 2 دقائق اقرأ

نتوه بين دهاليز الماضي فلا نجد مخرجا، ماضٍ بنا ولّى وبه زرعنا ثمرة قلبٍ، أضحت أيّاما خوالٍ ولم ندري أيّ الثمرات نجني؟ عشنا على أمل البقاء لكن للقدر منفذ آخر، إذ بالبين يطرق بابنا، يقف أمامنا صامدا، يوصد حيالنا سبل اللقاء …

يا أديمة الضحى أنتِ، تمكثين بالذاكرة كالهيجاء الناعمة، لكنْ … أتدرين م الهيجاء الناعمة؟
سأشنف سمعكِ طربا وقولا…
الهيجاء هي الحرب وليست كأيّة حرب،
هي حرب استوطنت ذاكرتي وكانت بها ملجأ،

أما الناعمة فهي حرب دون سلاح يُذكر، أتمعّن في تفاصيلك الصغيرة، عشتِ بذاكرتي ألف عام ولم تتلف بعدُ، تلك الخلايا التي تحفر تلك التفاصيل بالذاكرة تأبى أن تفرّط بشظايا ماضٍ تزال تائهة بين طيّاته، ماضٍ يهتف بذكرياته في أذني فأسمع طنين العشق الأبدي ودندنة ضحكاتٍ متعالية تتراقص على بنات اللهو وجعا، فتزعزع كيانا بأكمله لو لا الرماد ما كان صامدا، غرقنا ببنات الهوى ولم نجد منقذَا، ولم ندرِي بعد أ كنّا في زمن الصحوة أم مازلنا نضطجع الأيّام رويدا رويدا فترتشف بنات بطوننا سمّها؟ …
أصبحنا أولئك الذين قيل عنهم “ذوي نوى الزيتون” تجلت فينا بنات العبر …

يا بنت الشاطئ أنتِ، قطفتِني منّي إليك، تاهت بي الطرقات وخانتني كل العِبر فلم أجد ملجأ غيركِ، لكنْ … أجدني ولم أجد لكِ أثر، ليتكِ أضعْتِ عمرا من عمري ولم تفرّطِ بحبٍّ خرج عن السراط وحلّ بين الأطلال، لم يكن الفؤاد يضخ دما من بعدك بل كان لبنات الصدور نصيبا، أستفيض حسرة فأرثيك وأهجو رحيلك، أنا الذي أمسيت أثني عليك حمدا وما أسرفت فيك إطراءً وذكرا وأغدق في قراءة أم الكتاب إغداقا ممّا أصابنا من داء الضرائر، فتلمح لواحظ الأعين بنات التنانير تتناثر فوق رماد العشق هبوبا …

أنت أم الضياء في زمانك أنرتِ أهلا وحللتِ سهلا، إذ بابن الغمد يقبل علينا يمزّق أيامنا أشلاءً، وإن مزّق السيف أيامنا فلن تنمحي شفرات حبّ بالصدور قد حُفرت …

يا بنت السري! ومن غيرك؟ م لي أراك تترنحين بعيدا عنّي، يا من استويت على حواسي جلّها ولم ترحمِ ، أ تأبين الآن أن تكوني مسكّن؟
يا بعيدة مهوي القرط! … ألا ترحمين قلبا تأرجح بين ذكرى وغفلة، تارة يستشف من خالقه صبرا وتارة أخرى تتهاوى به الحال فلا قوة له ولا مرجعا …

صبرا يا نفسي، فشمسي انطفأت، أما ذاكرتي من فرط التفكير فقد أصابها الهذيان وأضحت خرساء الأساور، ارحمي عقلا أبحرت به بنات اليم يمينا وشمالا، فما كان المآل إلا التفكير بك ولم يزل …اسقيني أم الخبائث يا أبا لهب! فما كان الصبر منّي مقترب وأيّ الناس تصفو مشاربه؟
محدّقًا بمن هم حولي إذ بي أرى شراب الناس مختمر.

  • أديبة وباحثة تونسية
    جيهان حمّادي، أديبة وباحثة تونسية من مواليد 25 فيفري 1995 بقبلي، تجمع بين الفكر الأدبي وروح الريادة، فهي كاتبة، ممنتجة، معلقة صوتية، ومدققة لغوية بالمنصة العالمية "مكتبة الكتب". تشغل مناصب عدّة منها مشرفة ومدرّبة بهيئة شغف الكاتبات الدولي بسوريا، ووكيلة مستقلة بشركة "Phoenix for Marketing"، ومشرفة بفريق "إيفرست الدولي" بمصر، ومنسقة بالنادي التونسي "اللمسات الفنية". أسست سنة 2024 مشروعها الريادي "مؤسسة كيفوك جيهان الدولية للأنشطة المتعددة"، المعتمد من البرلمان الدولي لعلماء التنمية البشرية، والتي توفر خدمات ثقافية وإبداعية عديدة. تشغل أيضًا مناصب قيادية في مجلات ودور نشر عربية، منها مديرة تعاقدات شمال إفريقيا بدار بيتونيا بمصر ووكيلة دار سحر الإبداع بتونس. أصدرت كتبًا علمية وأدبية، منها: الصلاة في الديانات الإبراهيمية، سر صناعة الإعراب، ورد القصيد، ومذكرتك: طريقك نحو النجاح، إلى جانب مشاركتها في عدة مؤلفات جماعية ودواوين دولية. حاصلة على الأستاذية في اللغة والآداب العربية وماجستير بحث في اللسانيات العربية، ونالت عديد الجوائز والأوسمة منها لقب "نموذج المرأة الناجحة لسنة 2023" ودرع "سفيرة النوايا الحسنة". تمتاز بإتقان العربية الفصحى والتركية، وتجمع بين الإبداع الأدبي، والبحث الأكاديمي، وريادة الأعمال الثقافية في العالم العربي.

اقرأ أيضا

أترك تعليقا