الصفحة الرئيسية القصيدة العمودية عمر الشهباني يقول “أقلامكم أحنت وجف مدادها!!”

عمر الشهباني يقول “أقلامكم أحنت وجف مدادها!!”

قصيدة بعنوان "رفعت الأقلام وجفت الصحف"

181 مشاهدات 1 دقائق اقرأ

هذا النص الشعري يقدّم لوحة شعرية حية عن الوطن والشعب والتاريخ، حيث يمتزج الحزن على ما فُقد بالاحتفاء بما تحقق من نهوض وتجدد. يبدأ النص برثاء الأقلام والجفاف الذي أصاب الصحائف، ليعكس خيبات الأمس وانكسارات الزمن، ثم يتحوّل تدريجيًا إلى استنهاض للفخر الوطني والمجد، من خلال صور الطبيعة والرياح والغيث، ورموز تونس العروس والنور والجنان. اللغة متدفقة ومشحونة بالإيقاع والوزن الداخلي، وتستعمل التكرار والقوافي المتناغمة لخلق إحساس بالاحتشاد والحركة. النص يجمع بين النقد الاجتماعي والسياسي وبين الرؤية الوطنية الملهمة، ويترك للقارئ إحساسًا بالقوة والعزم على صون الكرامة والمجد… [نيابوليس الثقافية]

القصيدة:

أَقْلاَمُكُمْ أَحْنَتْ وَجَفَّ مِدَادُهَا
قُومُوا ارفعوا صُحُفًا بَدَتْ أَسْمَالاَ

أَذْوَتْ صَحَائِفُكُمْ تُرَاثَ بِلاَدِنَا
فَتَحَشَّدَتْ سُبُلُ الْرِّضَا أوْحَالاَ

وّالنَّهْرُ مَاتَتْ فِي السَّوَاقِي مِيَاهُهُ
والنَّخْلُ يَشْكُو تُرَابُهُ الإهمالا

وَالبَحْرُ أَعْلَى صَوْتَهُ مُتَسَائِلاً
مَا بَالُ أَمْوَاجِي شَكَتْ أَغْلاَلاَ

واشتاق لِلرِّيحِ الصَّبُوحِ نَسِيمُنَا
مِنَ فَرْطِ مَا لاَقَى الصَّبَا أهْوَالاَ

قُمْنَا الَى المَجْدِ الأَنِيقِ بِقَامَةٍ
فَرْعَاءَ فَاتَتْ فِي السَّمَا أَطْوَالاَ

يَا أَيُّهَا السَّاعُونَ فَاتَ زَمَانُكُمْ
وَتَقَطَّعَتْ بِكُمُ الدُّنَى أَوْصَالاَ

يَا أَيُّهَا النَّاعُونَ بَيْنَ عُرُوقِنَا
هِجُّوا إِلَى قَبْرِ الْفَنَا أَرْتَالاَ

سِيرُوا هُنَاكَ حيْث يُحفرُ قبْرُكم
سيروا رُزِئْنَا مِثْلَكُمْ أَمْثَالاَ

لمْ ترْأَفُوا عند اليَسَارِ بأهْلِكُمْ
قدْ خَابَ مَنْ كُنْتُمْ لَهُمْ أَبْطَالاَ

قد خاب إذْ أَفْتَى الدُّهُورَ فَقِيهُكُمْ
وجرَى إليْكمْ في الدُّجَى أَمْيَالاَ

ويظنّ أنّ الهدْيَ يأْتي لحالمٍ
نامَ الزَّمانَ وجرْجرَ الأذْيَالاَ

ويبيعنا الأمْلاَحَ ساءَ مَبِيعُهُ
وَيَقُولُ حِينَ نُكَذِّبُ الأَقْوَالاَ

قالوا جميعا يالَ هَوْلَ مَقَالِهمْ
بلْ زادهمْ غَيُّ الحجى أَفْعَالاَ

قالوا لدينا الشَّعب يجهل حقه
نعطيه حلوى تُسكتُ الأطْفَالاَ

نبني قصورا بالكلام جدارُها
والإفكُ يغري حلوُهُ الأَجْيَالاَ

مذْياعُنا والتلفزاتُ وسحرُنَا
والجنُّ تبني تمدُّنا الأعْمَالاَ

ظنوا المنابرَ والصَّحائفَ آلةٌ
تبني العقولَ وتنشرُ الأَغْوَالاَ

ظنّوا بنَفْثِ الإفْكِ يُبْلِغُ غَايَةٌ
والشّعب أحكم شطرَهُمْ أَقْفَالاَ

عادوا إلى أصنامهم بدعائهم
واستمسكوا بحبالهم أسْفَالاَ

يسْتَجْمِعُونَ شتاتهم ليعاودوا
نبش الصّراع ليَسْكُنُوا الأدْغَالاَ

يسْترجعون تجمُّعًا وفَصَائِلاَ
ويلمْلمون إلى الوغى أذْيَالاَ

في كلّ بوق ينفثون توعّدًا
في كلّ ساحٍ خلّفوا أنْصَالاَ

ما كان في الميدان إلا هزائمًا
شكلٌ يُلاَقِي فِي الرَّدَى أشْكَالاَ

قد وسّع التّاريخ فيه مزابلا
فتكدّست حذوَ القَذَا أَطْلاَلاَ

تونسْ تفصّتْ منْ شرانق آفةً
ضاقت عليها فحطّمَتْ أَغْلاَلاَ

قامت أتاها الرّيح يمشط شعرها
والغيث جاء يطهّر الأوْحَالاَ

قامت عروسا بعد طول ترقُّبٍ
جرّت على روض الشّذَى أذْيَالاَ

واستقبلت بنتًا كأنّ جبينها
نورٌ تسلَّلَ للدُّجَى وَانْهَالاَ

وقفت إليها من الجنان بُدُورُها
والرّاسياتُ ترنَّحَتْ إِجْلاَلاَ

جاءت إليها والمدائن خشَّعٌ
والعالمين تبدَّلَتْ أَحْوَالاَ

كُلٌّ يَرَاهَا مِنْ سُلاَلَةِ قُرْبِهِ
قَدْ نَازَعَتْ أَعْمَامُهَا الأَخْوَالاَ

لاَبُدَّ للرُّوحِ الطَّلِيقِ صَفَاؤُهُ
دَانَ الزَّمَانُ بِمَجْدِهِ أَوْ دَالَ

كلُّ العَوَاصِمِ أزْلَفَتْ أَسْمَاعَهَا
دَرْسٌ بَلِيغٌ يُرْعِدُ الأَوْصَالاَ

يَبْغُونَ مِنْ أَرْضِ الشَّهَادَةِ حِكْمَةً
تُبْقِي عَلَى مَرِّ المَدَى أَمْثَالاَ

قالَتْ لَهُمْ عِنْدَ التَّسَاؤُلِ تُونُسُ
لاَ تَسْأَلُوا طُرُقَ الْهُدَى الأَنْذَالاَ

قَالَتْ لَهُمْ وَالمَجْدُ يَمْشُقُ عُودَهَا
وَالغَارُ يَعْلُو جَبِينَهَا إِقْبَالاَ

لاَ يُخْذَلِ الشَّعْبُ الكَرِيمُ إذَا رَنَتْ
نَحْوَ المَعَالِي سِبَاعُهُ أشْبَالاَ

وَيَدُومُ فِي نَحْتِ الكِيَانِ بِجَهْدِهِ
تُهْدِي العُلاَ أجْيَالُهُ الأَجْيَالاَ

  • شاعر وناقد تونسي
    أبو البيرق عمر الشهباني، شاعر وكاتب تونسي، وُلد يوم 2 ماي 1966 بقبلي الجنوبية في الجنوب التونسي. نشأ بين رمال الواحة ومناخ الصحراء، فتشرّب من بيئته روح الانتماء، وتدرّج في مساره التعليمي بين المدرسة الابتدائية بشارع الحبيب بورقيبة بقبلي والمعهد الفني، ليحصل على شهادة الباكالوريا شعبة الآداب سنة 1987. تنقّل بين تونس والمغرب في مساره الجامعي؛ درس الفلسفة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتونس وصفاقس، ونال منها إجازة سنة 1996، كما درس بجامعة محمد الخامس بالرباط وحصل على إجازة في التصرف اختصاص الإدارة العامة من المدرسة الوطنية للإدارة العمومية، إلى جانب تدرّجه في دراسة القانون العام بالمرحلة الثالثة. زاول العمل الصحفي ككاتب ومحرر لوكالات أنباء وصحف تونسية، ورافق نشاطه الأدبي بانخراط واسع في الحياة الجمعياتية؛ من الكشافة التونسية حيث نال الشارة الخشبية سنة 1985، إلى الاتحاد العام التونسي للطلبة، وجمعية صوت نفزاوة التنموية، وغيرها من الإطارات التي أسهم في تأسيسها. أصدر سنة 1996 ديوانه الفريد المساجلات الشعرية (أجب الثورة يا علي...)، وهو عمل عربي متميّز جمع 23 سجالًا شعريًا في 2600 بيت عمودي بمشاركة أكثر من 40 شاعرًا من مختلف أرجاء الوطن العربي. إلى جانب ذلك نشر مقالات وقصائد في الصحف والمجلات التونسية، منها مجلة الاتحاف. وما يزال يعمل على إصدار دواوين جديدة في مجالات اجتماعية وسياسية وثقافية وحضارية.

اقرأ أيضا

أترك تعليقا