رئيسية » قصيد للشاعر محمد هادي عون بعنوان “على الرصيف”
الثقافة

قصيد للشاعر محمد هادي عون بعنوان “على الرصيف”

قصيد نثري معانيه رمزية  ( الرصيف والعجوز … إلخ)

على الرصيف
تغازل أضواء الشارع
السيارات الرياضية

ونفوس مختنقة
تمشي على
رصيف مختنق
حتى ترتدي
الشمس
رداء النوم
وتنام بين
أحضان الجبال
معلنة غربتي

تأتي الظلمة
تسحب
من رصيد أيامي
يوما صيفيا ساخنا
ترسله
لينام
مع الشمس

ترتحل الوجوه
تقتبس من النور
هنا وهناك
كحشرات
يجذبها الضوء

على الرصيف
ضوء خافت
إنه مقهى
الحي المهجور
جلست مع فنجاني
حول طاولتي
المرتعشة

القهوة فيها
تراودني عن نفسها
تلهث لتقبلني

أرشفها فتنسيني
مرور السيارت العادية

سيارات إختفت
وتركت للطريق الطريق

الطريق بدأ في التنفس
والحياة بعد الحريق

طريق لملم أعضاءه
واستجمع جسده المتفحّم

جلست معي
الكلمات المختنقة
كلمات تكبّل
لساني

عجلة الزمن
تمر بجانبي
يمتطيها طفل
بداخلي
يحن إلى الطيران

مُجالس يشكو
مرارة الزمان
يندب حظه
يمخر عباب
التاريخ
ويطرح مآسيه

اندفعت
نحو الرصيف
لأتنفس أفكاري

الرصيف
يستقبل أسراري
وأحزاني
وثورتي

سيارات
تبحث عن
مكان لها
على الرصيف
تخشى الطريق

تحمل
أسرار وغرائب
وإحساس بالغربة
حتى تصل لرصيف لها

تهرب من شرطي
حكم عليها بالوقوف

سراب مرّ هذا
اليوم وككل يوم
هو سراب

اندفعت نحوه
فاختفى في عربة
عجوز تمر
على الرصيف

رصيف يجمعني
بأعضائي
الهاربة مني

كل صباح
يمنعني النوم
من الحياة

أبكي صباحي
ويبكيني
عند اللقاء

هل أنا نزيل
على هذا الرصيف
أم هو رصيفي

انتبهت
لتلك الفتاة
تفترش صيفي
تنهل من خيراتي
وتنعم بالنوم
في أحضان رصيفي

انتبهت
لتلك العجوز
تجرّ عربة عجوزاً
تحمل فيها
أيام الشباب
وأمنيات المستقبل
تمر في هدوء
على الرصيف

تنظر لي ولقهوتي
وتنظر للطاولتي
المتهالكة
وتواصل المرور
مبتسمة حينا
متجهمة حينا آخر

إنها لا تكلّ ولا تمل
تتقدم ولا تقف

تمر فتاة الحي
المتمرّدة
تطلب يدي لتمر

إنها التي يقولون عنها
نساء الحي غانية
وتسهر في
صالونات الشاي المنمقة

إنها أيضا تجلس
على أريكة أمامها طاولة
ولا فرق بيننا
لأنها تنتمي لذات الرصيف

في صالون الشاي
المجاور يوجد طاولات
طاولات تحسبها جديدة
ولكنها أدخلت
مرارا وتكرارا
لصالونات الحلاقة والتجميل

إنها طاولات تستهوي
الشباب والحسناوات

إنها صالونات كثيرة
على الرصيف
في الشتاء تنكمش
وفي الصيف تسيح
وتحتل الرصيف

في الصالونات
لا تحسب نفسك
تتخلص من الذباب
والناموس
فالصيف ملك
لتلك الحشرات

يبادرك
بائع مشموم فل
“نوّر يامعلّم” “نوّر أستاذ”
فأنت تجلس
حول طاولة
بجانبك حسناء
زينّها
الفل والياسمين
ولكن تهاجمك الحشرات
من حين لحين

تحاول أن
تتجاهل هجماتها
لتحيا اللحظة
ويراك المارة
وتحس أنك عظيم
نسر في السماء

وعندما تنتهي السهرة
وينتهي العرض
تخطو خطوات
وتبتعد عن الطاولة
لتسير على الرصيف

أين تصبح كأيّ شخص
إنّ الرصيف بدون ثمن

وكل الناس
يمكنها استعمال الرصيف
لتكون نسرا
أو ديكا
أو ذئبا
أو دجاجة

ذاك هو الرصيف
وتلك هي طاولتك
وأنت تختار
أين تكون
ماذا تكون
في مقهى
الحي المهجور
أو في صالونات الشاي المنمقة
نسرا أو دجاجة

ولكن اعلم
أنك على الرصيف
وتلك العجوز
مازالت تتقدم
على رصيفك
ورصيفي …

الشاعر محمد هادي عون

أضف تعليق