رئيسية » قصيد بعنوان “السيناريست”
الثقافة

قصيد بعنوان “السيناريست”

مولاي صحبيَ جوف الليل قد رحلوا
و لم يقولوا وداعا أيها الرجل
حتى التذاكر مازالت مخبأة
فوق الخزانة لم يفسد بها الأجل
أغراضهم و هداياهم هنا بقيتْ
ماذا عساهم إذا بالضبط قد حملوا؟
مازال بعد بعيدا وقت رحلتهم
و كل شيء هنا باد به الكسل
الليل بعد طويل غير منتصف
و عقرب الوقت غطّى جفنه الملل
منبّه الوقت لم يفطن بهم أبدا
قد كان يغفو و في أجفانه ثقل
الساعة الآن.. ليل بارد كدمي
و دمعة.. رفعتْ كفّين تبتهل
محطة الباص منذ الأمس مقفلة
فكيف طاروا إذا؟ و من هُوْ السائق العجل؟
و أي باص سوى قلبي سيحملهم
و كيف احملهم و الباص مكتمل؟
ما كنت أرضى لقلبي أن يفارقهم
و لو فرضنا مجازا انهم قبلوا
كل التفاصيل كانت غير واضحة
كأن مسرحةً في الروح تُختزل
كانت كفلم قصير ضحكةٌ بفمي
ضحّى بها مخرجٌ عنوانه الفشل
ممثلون.. و مكياج.. و أقنعة..
كانت تموّه دوما أنني البطل
و كنتُ أخجل.. لم أعتدْ مجاملتي
فلعنة الله ما أغباك يا خجل
أنا خُذلتُ و أعصابي معي خُذلتْ
و طيبتي و نقائي كلهم خُذلوا
كتبتُ كل فصول المسرحية وحدي..
عشت أدوار من ماتوا و لم يصلوا
و عشت دور فتاة مات صاحبها
يوم الزفاف و هِيْ بالكاد تكتحل
و خضت ألف صراع داخلي.. لغةٌ..
فوضى.. حواسٌ.. نقاشٌ..فكرة ٌ.. جدلُ
ثم انقسمتُ إلى نصفين.. كيف انا؟
ذاتي.. و صورة ذاتي.. من سأنتحل؟؟
جدّا.. و جدّا.. و جدّا.. كان لي أمل
و قد دفنتُهُ.. عند المخرج.. الأمل
أرتّب الآن فوضايَ.. انشقاق دمي..
تدريب قلبي.. على فقدان من رحلوا
أنا كعنصر ديكورٍ أعيش هنا
ما لي على الركح تمثيل و لا عمل
أنا المرايا.. أنا ضوضاء اغنية
أنا الستار على الجمهور منسدل
أنا الإضاءة.. ضوء فوق مسرحهم
و قد أمثل دورا حين أشتعل
أضيء أو لا أضيء.. الحال واحدة..
فالمسرحيّون.. من تُرمى له القُبل
مولاي.. تدري؟؟ انا في الأصل منتبه
لكن كأي فتى أغرانيَ العسل
كان احتمالا ضئيلا مكر حيلتهم
لكنّ كل ضئيل بعد محتمل
و الآن وحدي و في بيتي تذاكرهم
و كل ثانية أهذي.. “لقد وصلوا”!
وحدي سأوقد شمعا حين أذكرهم
وحدي.. سأشرب أنخابي.. و احتفل
عام مضى.. و انا باق أرددها
لمن ستفتح باباً أيها الثمل؟
صوت على الباب.. عند الفجر يهمس لي:
هدّأ.. لقد رُفعتْ.. ساقاك يا جمل…

محمد أمين بن علي
قصر هلال/تونس

أضف تعليق