الأشخاص التي ترى أحلما جميلة في منامها تكون سعيدة لمدة زمنية معينة تختلف من شخص لآخر والكثيرين يسعون الى تفسيرها, فتفاسير الأحلام السعيدة تعطي لمن يراها دفعة أو شحنة معنوية جيدة لتحمل أعباء الحياة القاسية امّا من يرى الكوابيس البشعة تراه امّا يستعوذ منها أولا يبالي حتى بما رآه بدعوى أنها لن تتحقق. أما الناس التي تقوم بتفسير الكوابيس البشعة فهو من باب حب الاطّلاع أو لمعرفة ان كان هناك خطر محدق يجب اتخاذ التدابير اللازمة للتخلص منه.
بالنسبة للفنان الأحلام تختلف فكما قال نيتشه : “الفنان لا يرضى بالواقع” بحيث أن كل شخص قادر على صناعة أحلامه حتى الى درجة خلق قصص في ذهنه مثل أحلام اليقظة أو الخيال وبذلك يتحوّل الى فنان لأن الفن يكون عادة مستنبطا من الخيال أو قوة المخيّلة.
الفن لا يمكن أن يكون انعكاسا للواقع فقط اذ أن الواقع عادة ما يكون اما روتينيا خاليا من الأحداث المهمة أو مليئا بالمتاعب والمشاغل والأشياء المنفّرة لهذا يسعى الانسان الذي يتمتع بحسّ فنّي رقيق الى التخيّل واستنباط أفكار من الخيال عادة ما تكون أفكار إيجابية عجز المرء أن ينفّذها في الواقع ففي أحلامه تلك يكون ذلك الشخص القوي الجميل الغني الذي يحبّه الناس والذي يتمتع بكل ما لا يقدر أن يمتلكه في الواقع.
جمال الحلم يبقى في الحلم لأن من ينجح في تحقيق أحلامه لا يقف عند هذا الحد فهو يطمح الى الأحسن والأجمل دائما لذا هو يختلق أحلاما أخرى جديدة التي نسمّيها في الواقع المادي أهدافا.
الانسان العادي له أهداف وهنا لا نتحدث عن الانسان الخالي من الأهداف طبعا هذا الأخير سيكون كئيب وغير ناجح في حياته.
عندما يحقق الانسان هدفا ما يفقد الهدف أوالحلم أهميته وبريقه ولمعانه لأن الحلم أصبح حقيقة وتمّ الوصول إليه وبلوغه لهذا جمال الحلم يكمن في عدم القدرة على تحقيقه أي أن يكون بعيدا عن الواقع وهذا الأخير يضفي على الأشياء كل ما هو خشن بشع وعادي ومادي.
أيضا في الحلم لا مكان للمشاعر الحقيقية أو التي نشعر بها في الواقع فالمشاعر الجميلة مربوطة الى حدّ كبير بالأحلام لأنها تقوي المشاعر مثل اثنين متحابين كل واحد منهم يحلم بالآخر أما بعد الزواج يضمحل ذلك الحلم ويفقد بريقه لأن كل واحد منهم قد حقق مبتغاه ولم يعد في حاجة الى ذلك الحلم الذي طالما قوى مشاعر الحب لديهما.
فالحب والمشاعر وكل ما يحلم به الانسان هو في الحقيقة مرتبط بالحلم لا غير ولذلك: الحلم هو شيء ضروري في الحياة فبلا أحلام تكون حياتنا قاسية خالية من كل جميل كحديقة بلا أشجار أولوحة بلا ألوان.
بقلم الأستاذة حنان الشلّي