مُنح الإنسان عينين ليبصر العالم من زاويتين: اليمنى واليسرى، ليرى الخير والشر، والحب والبغض، والأمان والخوف، والحزن والفرح…
لكن بعض الناس يتعمّدون إغماض إحدى العينين، فلا يرون إلا من زاوية واحدة، ويتحوّلون شيئًا فشيئًا إلى “سايكلوبس”، فيفقدون ما بقي لهم من بصيرةٍ ورجاحة رأي وحكمة، مع مرور الزمن.
وثمّة من يغمض إحدى عينيه خوفًا من “السايكلوبس”، أو لامبالاةً بما يدور حوله… تراهم، في الظاهر، كغيرهم، لكنهم يخفون في أعماقهم أمورًا كثيرة، لا يستطيعون أو لا يرغبون في البوح بها.
وهناك من يضع كفّه على عينيه، أولئك هم الأتباع؛ ينساقون خلف السائد في كل شيء، كأنهم أجساد متحرّكة بلا روح، ينطقون بما لا يؤمنون به، ولا يعقلونه، ولا يفهمونه.
وتستمرّ هذه الأنواع في الهرج والمرج، ويخفت صوت العقلاء الذين يرَون الأمور من مختلف الزوايا، وسط صخب الأصوات المتكرّرة المتعالية؛ أصوات “السايكلوبس”، والأتباع، وغيرهم ممن عجزوا عن بلوغ الحكمة، أو حتى الاقتراب من أهلها.